ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 04 - 2008, 06:39 ص]ـ
وفي كتاب:
وفيات الأعيان؛ لابن خلّكان:
((قطري بن الفجاءة:
أبو نعامة قطري بن الفجاءة، واسمه جعونة، بن مازن بن يزيد بن زياد ابن خنثر بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مر، المازني الخارجي، خرج زمن مصعب بن الزبير لما ولي العراق نيابة عن أخيه عبد الله بن الزبير وكانت ولاية مصعب في سنة ست وستين للهجرة فبقي قطري عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة، وكان الحجاج بن يوسف الثقفي يسير إليه جيشا بعد جيش وهو يستظهر عليهم.
وحكي عنه أنه خرج في بعض حروبه وهو على فارس أعجف وبيده عمود خشب، فدعا إلى المبارزة، فبرز إليه رجل، فحسر له قطري عن وجهه، فلما رآه الرجل ولى عنه، فقال له قطري: إلى أين!!؟
فقال: لا يستحيي الإنسان أن يفر منك.
وقد ذكر أبو العباس المبرد في كتاب الكامل من أخبارهم ومحارباتهم قطعة كبيرة.
ولم يزل الحال بينهم كذلك حتى توجه إليه سفيان بن الأبرد الكلبي، فظر عليه وقتله في سنة ثمان وسبعين للهجرة، وكان المباشر لقتله سودة بن أبجر الدارمي، وقيل إن قتله كان بطبرستان في سنة تسع وسبعين، وقيل عثر به فرسه فاندقت فخذه فمات، فأخذ رأسه فجيء به إلى الحجاج.
قلت: هكذا قال أهل التاريخ والله أعلم أنه أقام عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة، وتاريخ خروجه وقتله بخلاف ذلك فتأمله.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 04 - 2008, 06:44 ص]ـ
تابع >>>:
ولا عقب لقطري، وإنما قيل لأبيه الفجاءة لأنه كان باليمن، فقدم على أهله فجاءة، فسمي به وبقي عليه، وقطري هو الذي عناه الحريري في المقامة السادسة بقوله: فقلدوه في هذا الأمر الزعامة، تقليد الخوارج أبا نعامة وكان رجلا شجاعا مقداما كثير الحروب والوقائع، قوي النفس لا يهاب الموت، وفي ذلك يقول مخاطبا لنفسه:
أقول لها وقد طارت شعاعا = من الأبطال ويحك لا تراعي
فإنك لو سألت بقاء يوم = على الأجل الذي لك لم تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا = فما نيل الخلود بمستطاع
ولا ثوب الحياة بثوب عز= فيطوى عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كل حي = وداعية لأهل الأرض داعي
ومن لا يغتبط يسأم ويهرم = وتسلمه المنون إلى انقطاع
وما للمرء خير في حياة = إذا ما عد من سقط المتاع
وهذه الأبيات مذكورة في الحماسة في الباب الأول، وهي تشجع أجبن خلق الله، وما أعرف في هذا الباب مثلها، وما صدرت إلا عن نفس أبية وشهامة عربية.
وهو معدود في جملة خطباء العرب المشهورين بالبلاغة والفصاحة.
روي أن الحجاج قال لأخيه:
لأقتلنك، فقال: لم ذلك!!؟
قال: لخروج أخيك، قال: فإن معي كتاب أمير المؤمنين أن لا تأخذني بذنب أخي، قال: هاته، قال: فمعي ما هو أوكد منه، قال: ما هو!!؟
قال: كتاب الله عز وجل، حيث يقول:
(ولا تزر وازرة وزر أخرى)، فعجب منه وخلى سبيله.
وفي قطري قال حصين بن حفصة السعدي من أبيات:
وأنت الذي لا نستطيع فراقه = حياتك لا نفع وموتك ضائر
وقد ضبطت أسماء أجداده ضبطا يغني عن التقييد، ففيه تطويل، فمن كتبه فليعتمد على هذا الضبط ففيه كفاية، وكذلك الألفاظ التي في الأبيات مضبوطة.
وقد قيل:
إن قولهم قطري ليس باسم له، ولكنه نسبة إلى موضع بين البحرين وعمان،
وهو اسم بلد كان منه أبو نعامة المذكور، فنسب إليه،
وقيل إنه هو قصبة عمان، والقصبة هي كرسي الكورة.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 04 - 2008, 06:56 ص]ـ
وإليكم هذه التحقيقات الرائعات لصاحب
كتاب خزانة الأدب؛ عبد القادر البغداديّ؛
وهي تحقيقات يقصر عنها محققو هذا الزمان!!
وقطري هو رأس الخوارج، كان أحد الأبطال المذكورين، خرج في مدة ابن الزبير، وبقي يقاتل ويستظهر بضع عشرة سنة، وسلم عليه بإمرة المؤمنين. وجهز عليه الحجاج جيشاً بعد جيش، وهو يستظهر عليهم ويكسرهم. وتغلب على نواحي فارس وغيرها. ووقائعه مشهورة.
وقد ذكر المبرد كثيراً من أخباره في الكامل. وكان مع شجاعته من البلغاء، وله شعر جيد. وكان آخر أمره أن الحجاج ندب له سفيان بن الأبرد في جيش كثيف، واجتمع معه إسحاق بن محمد بن الأشعث، في جيش لأهل الكوفة، فأقبلا في طلب قطري، فأدركوه في شعب من شعاب طبرستان، فقاتلوه، فتفرق عنه أصحابه، وسقط عن دابته، فتدهده إلى أسفل الشعب.
وأتاه علج من أهل البلد فحدر عليه حجراً من فوقه، فأصاب وركه فأوهنه، وصاح بالناس فأقبلوا نحوه، وجاء نفر من أهل الكوفة فقتلوه، وأرسلوا رأيه إلى الحجاج، فسيره إلى عبد الملك، وذلك في سنة سبع وسبعين بتقديم السين على الموحدة فيهما. كذا في تاريخ النويري.
وقطري، بفتح القاف والطاء وتشديد الياء، قال الجوهري:
وقطري بن فجاءة المازني، زعم بعضهم أن أصل الاسم مأخوذ من قطري النعال.
قال الصلاح الصفدي في حاشيته على الصحاح قلت:
بل هو منسوب إلى قطر، بالسيف، على ما ذكره بعضهم. انتهى.
أقول:
السيف، بكسر السين: ساحل البحر، قال أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم: قطر، بفتح أوله وثانيه بعده راء مهملة: موضع بين البحرين وعمان تنسب إليه الإبل الجياد، وهي اكثر بلاد البحرين حمراً.
والفجاءة، بضم الفاء والمد، قال صاحب الصحاح: فاجأه الأمر مفاجأة وفجئاً، وكذلك فجئه الأمر وفجأه الأمر، بالكسر والنصب فجاءة بالضم والمد.
ومنه قطري بن فجاءة المازني.
قال أبو عبيد البكري في شرح أمالي القالي:
اختلف في اسم الفجاءة، فقيل: اسمه جعونة، وقيل: مازن، بن يزيد بن زياد بن حنثر بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. وسمي الفجاءة لأنه غاب دهراً باليمن ثم جاءهم فجاءة. انتهى.
وجزم صاحب الجمهرة أن اسمه جعونة بن مازن، فجعل مازناً والد جعونة لا والد قطري. وهو بفتح الجيم وسكون العين وبعد الواو نون. وحنثر، المشهور أنه حبتر بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة فوقية.
قال الأمير الحافظ أبو نصر علي بن ماكولا في إكماله:
وقال ابن الكلبي: قطري بن الفجاءة، ورفع في نسبه إلى حنثر بن كابية بفتح المهملة وسكون النون بعدها ثاء معجمة بثلاث. ويروى حبتر، والصواب بالنون والمثلثة.
والله أعلم.
وكابية بموحدة بعدها مثناة تحتية. وحرقوص بضم الحاء المهملة والقاف.
¥