تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 03:25 م]ـ

بقلم: الاستاذ محمد سعد

عنترة الفخر والإعتذار

عنترة بن شداد هو أحد أمثلة الفتوة والبطولة العربية في عهد ما قبل الإسلام، وعلم شامخ من أعلام القوة والنضال والصبر والجلد عند استعار وطيس الوغى واشتعال نار الحرب والقتال، لقد كانت حياة أسد البيداء، وقاهر الصحراء سلسلة انتصارات رائعة سطرت أمجاده في التاريخ بحروف متألقة، وجعلته أسطورة من الأساطير تتحدث عنها الأجيال وتفاخر بها القرون، ولا مراء مطلقاً في أن عنترة كان أشهر فرسان العرب في الجاهلية، وأبعدهم صيتاً وأسيَرهم ذكراً، بما كان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفساً، وأجودهم بما ملكت يده، وأوفاهم بالعهد وأنجزهم للوعد، نظمت فروسية عنترة أشعاره، وصدقت أشعاره فروسيته، شاعر ينطق لسانه عن سنانه، وتتجلى مآثره في بيانه، ويضرب المثل في شجاعته وأخلاقه، وفي شدوته ولينه وفي قتاله ونسيبه.

هذه الشخصية الفذة الشجاعة هي موضوع هذه الصفحة نسطر فيها فخره بنفسه وبيان ملحمته الحماسية التي تعد من ملاحم العرب الشهيرة، وموقفه من سواد بشرته والتي هي من أهمّ ما كان عنترة يطرقه في أشعاره.

قال عنترة يعتذر عن سواده ويفتخر بنفسه:

تعيرني العدا بسواد جلدي = وبيضُ خصائلي تمحو السوادا

سلي يا عبل قومك عن فعالي = ومن حضر الوقيعةَ والطرادا

وردتُ الحربَ والأبطالُ حولي = تهزُّ أكفها السمرَ الصعادا

وخضتُ بمهجتي بحرَ المنايا = ونارُ الحربِ تتقد اتقادا

وعدتُ مخضباً بدم الأعادي = وكربُ الركض قد خضبَ الجوادا

وكمْ خلفتُ من بكرٍ رداحٍ = بصوت نواحها تشجي الفؤادا

وسيفى مرهفُ الحدينِ ماض= تقدُّ شفاره الصخرَ الجمادا

ورمحي ما طعنتُ به طعيناً = فعادَ بعينه نظرَ الرشادا

ولولا صارمي وسنانُ رمحي = لما رفعتْ بنو عبسٍ عمادا

سلمتَ وسلِمت اناملك يا استاذ

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 04:33 م]ـ

وقفة عند معلقة عنترة، والتي مطلعها:

هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ = أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي = وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي

حيث اشتملت معلقته، كغيرها من المعلقات على عدة من الأغراض:

فقد بدأها بالوقوف على ديار عبلة التي آضت أطلالا دارسة، وهو إذ يقف؛ ليجييها، يذكر صاحبتها، ويترنم بمحاسنها.

ثم يتمنى أن يصير إليها على ناقة يسهب في وصفها.

ثم يلتفت إلى خطاب معشوقته، ويطلب إليها أن تكثر من الثناء عليه، بما هو أهل له من المحامد.

ويدخل في شعر الفخر والحماسة ..

وهو لا ينسى في أثناء ذلك أن يعود لذكر عبلة، وذكر وصية عمه له؛؛

أن يكون نعم الرجل، ونعم البطل المنقذ.

ثم ينفذ إلى وصف جواده في المعركة وصفا معبرا ..

ثم ينتهي بالاعتذار إلى عبلة عن واجب الزيارة؛ لأنه أصبح في شغل شاغل بطعان الفوارس، ورد كيد الأعداء ..

لقد شغل عنترة وشعره الأدباء والنقاد قديما وحديثا، حتى إن بعضهم رأى أن شعر عنترة يمثل مدرسة شعرية متميزة، كان عنترة على رأسها وجاء من بعده من اقتفى أثره في الروح البطولية التي تشيع في شعره.

وإذا تعرفنا إلى عنترة العاشق عرفنا ثمة رجلا متيما بعبلة إلى حد المبالغة؛

كما في قوله:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل = مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها = لمعت كبارق ثغرك المتبسم

ثم هو لا يلتفت إلى سواها مهمها بلغ بها الحسن والجمال والبهاء ..

فنحن حيال فارس عاشق ..

والفارس إذا عشق سلك إلى الحب طريقا واحدا لا يحيد عنه؛ لأنه لا يعرف المساومة ولا المهادنة ومن ها هنا فقد كانت فروسية عنترة قائمة في عشقه، وكان عشقه ماثلا في فروسيته توأمان لا يملكان فكاكا.

ونحن بينهما قراء لهذا التراث الشعري الفريد الذي أثرى العربية أيما إثراء.

ولقد اجتمع إلى شجاعة عنترة وحبه عناصر أخرى؛

جعلت من حياة هذا الفارس مادة للقصة أو السيرة حتى بلغت مبلغ الأسطورة ..

وتداولها الناس جيلا بعد جيل منذ أن دونها يوسف بن إسماعيل المصري على عهد العزيز بالله الفاطمي.

ويبقى عنترة في شعره أمانة في ربقة الأجيال ..

ولطالما تتكشفت للنقاد كل يوم جوانب جديدة ومضيئة في حياة هذا الفارس الشاعر الطل،،

فهو خليق بذلك حقا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير