تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتلك الثقافة العربية. وتبدأ إشكالية عنترة من الإضافات التي رسمتها الأسطورة لشخصه لحاجتها لذلك مما عقّد إمكانية تناول هذه الشخصية بقوانين واقعية هادئة تسمح باعتباره شخصا بشريا يسري عليه ما يسري على غيره , فكيف يتسنى لنا مثلا أن نتصور ذلك البطل الهائج الذي يكسر جيوش كسرى وبطارق الروم أن نتخيله يتألم ويعاني من رفض أهله له ونبذهم إياه لا لشيء إلا لسواد وجهه وضعف نسبه؟ نا هيك عن تصورنا لألمه المفترض من عدم حصوله على حبيبته التي يتمناها , لقد ظلمت الأسطورة عنترة الإنسان بأن سلبته هذا البعد البشري وجعلته من حديد في الوقت الذي يوحي به شعره برقة وشفافية عاليين ورغبة متهورة للحصول على انتماء وجهد لأن يصبح إنسانا عاديا مثله مثل باقي أفراد قبيلته, فقد ترفع عن كل المناصب والمكاسب في سبيل الحصول على مثل هذا الاعتراف. لقد كان قدر عنترة منذ بدايته موجَّهاً لمثل هذه الإشكالية , فقد ولد من جارية حبشية لم يربطها بوالده سوى نزوة ليلة واحدة لاتسمح لها بأن تحلم بأن يتم إدماجها إلى نسب القبيلة أو خروجها من بوتقة العبودية لتنعم بأحلام السادة والأحرار, ولعلنا نفهم المكانة أو المساحة التي أعطيت لعنترة من قبل والده والقبيلة من خلال المؤشرات الأولية التي وصمته منذ ولادته وألقت حملها عليه منذ أبصر النور ونرى ذلك من خلال تسميته أصلا فقد سمي بعنترة وهي في اللغة تعني ذبابة من أكثر أنواع الذباب إزعاجا, فكيف يمكن لطفل سمي بالذبابة منذ صغره أن يحلم بدور يتخطى دور عبد أو راع في القبيلة , ناهيك عن الحلم من الزواج بسيدة حرة من علية القوم , كما أن بعض الروايات تقول بأن شداد هو جد عنترة وليس أباه الحقيقي مما يشير إلى عدم تلهف والده الحقيقي إلى تبني هذا الولد ابن الجارية وتركهم ينسبوه بحكم العادة إلى جده إذ لابد من نسبته إلى شخص في القبيلة لقد كان التحدي الشخصي لشاعرنا تحدي المستحيل , ولعل بطولته الحقيقية تأتي من خلال هذا التحدي ورفض الاستكانة إلى هذا القدر والعمل على تغييره مهما كان الثمن. ولا يمكننا هنا إلا أن نعترف بالفضل الأكبر لأمه زبيبة , تلك الجارية المنسية في الأسطورة , فلولاها لم يكن يتسنى لشخص كانت أوراقه الأولية خاسرة جميعها من أن يعتلي هذا المقام من الشهرة والعلو فهي التي زرعت فيه بلاشك ذلك الاعتزاز بالنفس وهذا النفس الطويل لتحمل المصاعب في سبيل مهمة الانتماء هذه, لقد كانت إشكاليته شكسبيرية بكل معاني الكلمة وتحديه كتحدي هاملت (نكون أو لانكون) أو بعبارة أخرى أكون حرا عزيزا أو أموت , ولن أقبل حياة الذل والعبودية هذه والتي رماني بها قدري وقناعات قبيلتي. لنعد إلى هذه الأم التي شاء لها قدرها هي أيضا مثل كثير من النساء في ذلك الوقت أن تكون تحت رحمة جنون الرجال ونزعتهم المتلهفة للحرب والسلب , ولا تخبرنا سيرة عنترة الكثير عن حياتها قبل سلبها من شداد ولكن ما عرف عنها أنها كانت جارية ترعى الإبل مع ولدين صغيرين (شيبوب وجرير) من علاقة سابقة يمكن تصورها أيضا غير شرعية وذلك لعدم وجود انتساب حقيقي لهما وعدم اهتمام الأسطورة بهذا النسب, وإننا يحق لنا الاعتقاد بأنها عانت الكثير من عدم وجود أب لطفليها الأولين وأنها عقدت العزم على أن تعمل المستحيل لكي يشعر ابنها الثالث عنترة هذا بأن له أب وأن أباه من أسياد القبيلة ولكن يبدو أن حلمها يقف عند هذا الحد إذ يذكر أنها كانت تعارض تهور ابنها عنترة واندفاعه للأهوال مكتفية بما حصل له من قبول واعتراف في القبيلة.

(د. أنور عبيدين / سوريا)

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 09:33 م]ـ

الأسـ الرهيص ــــــــد:

هو (وُزْرٌ بن جابر النَّبهاني) وهو مقاتل عنيد ولا يقبل الهزيمة أبدا وفى يوم تقابل مع عنترة فدار بينهما قتال عنيف فصالا وجالا وتعالى الغبار حتى حجبوا عن الأنظار ودام الحال على حاله حتى غروب الشمس ولا أحد منهما كل ولا مل فعرف كل واحد منهما أنه أمام فارس صنديد صبور وعنيد فقال عنترة للأسد الرهيس لقد أدركنا الظلام فلنترك القتال إلى الغد فاتفرقا، وفى اليوم الموالى برز عنترة للمدان وصال وجال وقال أنا قاذف النار من غير زناد هل من مبارز هل من مقاتل فبرز له غريمه الأسد الرهيس فصالا وجالا وما هيى الساعة حتى انقض عنترة على الأسد الرهيس فأرداه أرضا فترجل عنترة وأوثقه وقاده أسيرا ولكن هذا الخير شفع له الملك النعمان فاطلق سراحه.

وكما ذكر أن الأسد الرهيص من الفرسان الذين لا يقبلون الهزيمة فعاود المبارزة فأسره عنترة مرة أخرى فشفع له فأخلى سبيله. فعاد مرة ثالثة لمبارزة عنترة فأسره للمرة الثالثة فشفع له الملك النعمان. فقال له عنترة لن أطلقه هذه المرة سالما سأعمى بصره حتى يحد عما هو عليه وفعلا لقد نفذ عنترة هذا الحكم عليه وأعما بصره، وبعد ذلك أخلا سبيله، ولكن الرجل كما ذكرنا عنيد ولن يرضى أبدا بالهزيمة فراح هو وخادمه يتدرب على رمي الرمح بالسمع. فهو يرمى بالسهم نحو مصدر الصوت ودام على هذا الحال حتى أصبح لا يخطئ هدفه، وعندما تيقن من مهارته قال للخادم قدنى حيث يقيم عنترة، فأخذه الخادم حتى بلغوا واد وكان عنترة واضع خيام قبيلته في ضفة الواد الثانية. فاختفى الأسد الرهيس وبقا ينتظر حتى الليل، وفى الليل خرج عنترة ليقضى حاجته فسمع الأسد الرهيس صوت التبول لعنترة فوجه له السهم فأصابه في أحشائه فصاح عنترة صيحة مدوية كأنها صاعقة فمن هولها مات الأسد الرهيس بسكتة قلبية وهكذا انتهت إسطورة عنترة بن شداد!!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير