فأبكي لنفسي رحمةً من جفائها ... ويبكي من الهجران بعضي على بعضي
وإنِّي لأهواها مُسيئاً ومحسناً ... وأقضي على نفسي لها بالذي تقضي
فحتَّى متى رَوْحُ الرِّضا لا ينالُنِي ... وحتى متى أيَّام سخطِكِ لا تمضي
...
سلامٌ على من لا يُمَلُّ كلامه ... وإن عاشَرَتْهُ النَّفْسُ عَصراً إلى عصرِ
...
وحدَّثْتُ نفسي بالفراقِ أَروضُها ... فقالتْ رويداً لا أغُرُّكَ من صبري
فقلتُ لها: فالهجرُ والبين واحدٌ ... فقالت: أَأُمنَى بالفراقِ وبالهجرِ
...
تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ ... وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ
فياليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً ... فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ
...
طبيبانِ لو داويتُماني أُجرتُمَا ... فما لكما تستغنيانِ عن الأجرِ
فقالا بحزنٍ ما لكَ اليومَ حِيلةٌ ... فمت كَمَداً أو عزِّ نفسكَ بالصبرِ
وقالا دواءُ الحبِّ غالٍ وداؤُهُ ... رخيصٌ ولا ينبيكَ شيءٌ كمن يدري
فما برحا حتى كتبتُ وصيتي ... ونَشَّرتُ أكفاني وقلتُ احفُرا قبري
فما خيرُ عِشقٍ ليسَ يقتُلُ أهلهُ ... كما قَتَلَ العشَّاقَ في سالفِ الدَّهرِ
...
ويا ليتنا نحيا جميعاً وليتنا ... نصير إذا متنا ضجيعينِ في قبرِ
ضجيعينِ في قبر عن الناسِ مُعزَلٍ ... ونُقرَنُ يَومَ البعثِ والحشرِ والنشرِ
...
وكيف أعزِّي النفس بعد فراقها ... وقد ضاق بالكتمان من حبها صدري
فوالله واللهِ العزيزِ مكانهُ ... لقد كاد روحي أن يزول بلا أمري
خليليَّ مُرَّا بعد موتي بتربتي ... وقولا لليلى ذا قتيلٌ من الهجر
...
تداويت من ليلى بليلى عن الهوى ... كما يتداوى شاربُ الخمر بالخمر
ألا زَعَمَتْ ليلى بأن لا أحبها ... بلى والليالي العشرِ والشفع والوَترِ
بلى والذي لا يعلمُ الغيبُ غيرُهُ ... بقدرتهِ تجري السفائنُ في البحرِ
بلى والذي نادى من الطور عبدَهُ ... وعظّمَ أيامَ الذبيحةِ والنّحرِ
لقد فُضِّلَتْ ليلى على الناسِ مثل ما ... على ألف شهرٍ فُضِّلتْ ليلة القَدْر
...
فلو كنتِ ماءً كنتِ من ماءِ مُزنةٍ ... ولو كنتِ نوماً كنتِ من غفوةِ الفجرِ
ولو كنتِ ليلاً كنتِ ليلَ تواصلٍ ... ولو كنتِ نجماً كنتِ بدرَ الدّجى يسري
عليكِ سلامُ الله يا غايةَ المُنى ... وقاتلتي حتى القيامة والحشرِ
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 01:26 م]ـ
ولنبدأ من بداية الحكاية!!!
مجنون ليلى:
هو قيس بن الملوح بن مزاحم العامريّ
من شعراء العصر الأموي ,توفي سنة 86 هـ
لقب بمجنون ليلى حيث خلد ذكر حبيبته ليلى العامرية بقصائده التي وصف فيها حاله وعشقه المجنون.
حتى أصبح لاسمهما وقصتهما تاثير كبير في الأدب العربي؛إذ بقيا رمزا للعشق والهوى!!
أحبها منذ الصغر، حيث ترعرعا سوية:
عشقتك ياليلى وأنت صغيرة = وأنا ابن سبع مابلغت الثمانيا
وقد كانت ليلى تبادله العشق، فقالت فيه:
كلانا مظهر للناس بغضا=وكل عند صاحبه مكين
تخبرنا العيون بما أردنا=وفي القلبين ثم هوى دفين
ولم يتزوجها إذ عرف أبوها بأشعاره؛ فحرم عليه الاقتراب من مضاربهم وزوجها لغيره خشية العار!!
فعاش مطرودا من مضارب بني عامر، وسكن الصحراء وحيدا ,كئيبا ,مجنونا ,هائما بعشقه ينشد القصائد، ويبكي ليلى
حتى وجد ميتا في واد كثير الحجارة:
دَعُونِي دَعُونِي قَدْ أَطَلتُم عَذَابِيَا=وَأَنضَجْتُمُ جِلدِي بِحُرِّ المَكَاوِيَا
دَعُونِي أَمُتْ غَمًّا وَهَمًّا وَكُرْبةً=أَيَا وَيحَ قَلبِي مَنْ بِهِ مِثْلُ مَا بِيَا
دَعُونِي بِغَمِّي وانْهدُوا فِي كَلاءَةٍ=مِنَ اللهِ قَدْ أَيقَنْتُ أَنْ لَسْتُ بَاقِيَا
ويقال: بأنه بعد انتشار خبر وفاة قيس بين أحياء العرب لم تبق فتاة من بني جعده ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرة الرأس صارخة عليه تندبه واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء!!
وشاركهم في ذلك كافة قبيلة حبيبته ليلى العامريه حيث حضروا معزين وأبوها معهم وكان أشد القوم جزعا وبكاء عليه وهو يقول:
ماعلمنا أن الامر يبلغ كل هذا، ولكني كنت عربيا أخاف من العار، وقبح الأحدوثه.
له ديوان شعري مطبوع مشهور، كله في حب ليلى، ومن قصائده:
تذكرت ليلى وهي قصيدة طويلة؛ لكنني اخترت منها هذه الأبيات:
تَذكَّرْتُ لَيْلَى والسِّنينَ الْخوَالِيا=وَأيَّامَ لاَ نَخْشَى على اللَّهْوِ نَاهِيَا
¥