ويبدو أن هذه الصدمة (موت الفتاة التي أحبها)، أساءت أبلغ الإساءة إلى مصيره كله، فاضطر أهله إلى "تزويجه" في سن مبكرة لينصرف عن أوهامه وتأملاته الحزينة، ويسلو آلامه، وقَبِلَ هذا "الحل" لمشكلة حبه. ولكن المشكلة كانت تزداد في نفسه تعقيداً، فلم يهنأ بزواجه، ولا وفق إلى سلوان عذابه!؛ ثم فاجأه الموت ثانية بفقد أبيه، وتحولت التبعات التي كان يحملها أبوه إلى كاهله، فأثقلته، وهو الذي كان ينوء بما يحمل، فرزح، واعتلت صحته، وأصيب ـ كما قرر أطباؤه ـ بانتفاخ في القلب، جعله يتنقل من مكان إلى مكان، طلباً للشفاء.
مرضه ووفاته
يبدو أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحه إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج.
يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة.
ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد. لم يآتمر الشابي من نصحية الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة.
ضريح أبوالقاسم الشابي
يقول باحدى يومياته الخميس 16 - 1 - 1930 وقد مر ببعض الضواحي:
" ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً! آه يا قلبي! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".
ثم دخل الشابي مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر اكتوبر قبل وفاته بستة أيام، وتوفي في المستشفى في التاسع من اكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353هـ.
ومن كلماته
إذا الشعب يوماً أراد الحياة = فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلي = ولا بدّ للقيد أن ينكسر
ومن لم يُعانقه شوق الحياة = تبخّر في جوّها واندثر
فويلٌ لمن لم تشُقْه الحياة = من صفعة العدم المنتصر
كذلك قالت لي الكائنات= وحدّثني روحها المستتر
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 12:30 ص]ـ
خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ = وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفعتَ = وتشدو بما شاءَ وَحْيُ الإِلهْ
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصَّباحِ = وتنعَمُ بالنُّورِ أَنَّى تَرَاهْ
وتَمْشي كما شِئْتَ بَيْنَ المروجِ = وتَقْطُفُ وَرْدَ الرُّبى في رُبَاهْ
كذا صاغكَ اللهُ يا بنَ الوُجُودِ = وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ = وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ = القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ
وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجرِ = والفجرُ عَذْبٌ ضيَاهْ
وتَقْنَعُ بالعيشِ بَيْنَ الكهوفِ = فأَينَ النَّشيدُ وأينَ الإِيَاهْ
أَتخشى نشيدَ السَّماءِ الجميلَ = أَتَرْهَبُ نورَ الفضَا في ضُحَاهْ
ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاةِ = فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ
ولا تخشَ ممَّا وراءَ التِّلاعِ = فما ثَمَّ إلاَّ الضُّحى في صِبَاهْ
وإلاَّ رَبيعُ الوُجُودِ الغريرُ = يطرِّزُ بالوردِ ضافي رِدَاهْ
وإلاَّ أَريجُ الزُّهُورِ الصُّبَاحِ = ورقصُ الأَشعَّةِ بَيْنَ الميَاهْ
وإلاَّ حَمَامُ المروجِ الأَنيقُ = يغرِّدُ منطلِقاً في غِنَاهْ
إلى النُّورِ فالنُّورُ عذْبٌ جميلٌ = إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإِلهْ
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 01:12 ص]ـ
وهمسة في أذنك أخي "رسالة الغفران" ..
إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم ..
ألا تعلم أننا في حصار ولا يصلنا الوقود ولا نجد الغاز للطبخ ولا البنزين للسيارات , ونفط العرب لا يصلنا ويصل لأعدائنا؟؟ .. وليتر البنزين وصل عندنا سعره لعشرين دولارا!!!؟؟؟
وتوقفت جميع سيارات الملاكي ...
وهل تعلم أن سيارات الأجرة الديزل عندنا تعمل على زيت الذرة الذي نستخدمه للطبخ بسبب عدم وجود الديزل " السولار" أي "المازوت"
معلومة غريبة ولا تصدق!! أليس كذلك؟؟
والأغرب أننا أصبحنا نستخدم المركبات التي تسير باستخدام الشعير؟؟: D
هذه الحقيقة وصدق أو لا تصدق!!!
ونستخدم ثلاثي الأثافي للطبخ كما كان يفعل أجدادنا قبل مئات السنين ...
أَثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ = وَنُؤياً كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ
ليست همسه بل صرخة ... أعانكم الله، والله ان ما تحدثم به ليكسر قلب الجلد الصعب ويفتت الحصى وليس لنا إلا ان ندعو لكم بفك الحصار بأقرب وقت، فإني لا أملك إلا الدعاء ورأس مالي هو الرجاء من الله تعالى ان يتقبل هذا الدعاء ويفك قيد المسلمين ويعينهم ويبغلهم إلى الخير والصلاح ...
¥