تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:43 م]ـ

السلوقي والجواد

قال السلوقي مرة للجواد = وهو إلى الصيد مسوق القياد

بالله قل لي يا رفيق الهنا = فأنت تدري لي الوفا في الوداد

ألست أهل البيد، أهل الفلا = أهل السرى والسير، أهل الجهاد؟

ألم تكن رب الصفات التي = هام بها الشاعر في كل واد؟

قال: بلى، كل الذي قلته = أنا به المشهور بين العباد

قال: فما بالك يا صاحبي = إذا دعا الصيد، وجد الطراد

تشكو، فتشكيك عصا سيدي = إن العصا ما خلقت للجواد

وتنثني في عرق سائل = منكس الرأس، ضئيل الفؤاد

وذا السلوقي أبداً صابر = ينقاد للمالك أي انقياد؟

فقال: مهلاً يا كبير النهى = ما هكذا أنظار أهل الرشاد

السر في الطير وفي الوحوش لا = في عظم سيقانك يا ذا السداد

ما الرجل إلا حيث كان الهوى = إن البطون قادرات شداد

أما ترى الطير على ضعفها = تطوي إلى الحب مئات البلاد؟

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:45 م]ـ

فأر الغيط وفأر البيت

يقال: كانت فأرة الغيطان = تتيه بابنيها على الفيران!

قد سمت الأكبر نور الغيط = وعلمته المشي فوق الخيط

فعرف الغياض والمروجا = وأتقن الدخول والخروجا

وصار في الحرفة كالآباء = وعاش كالفلاح في هناء

وأتعب الصغير قلب الأم = بالكبر، فاختارت بما تسمى

فقال سميني بنور القصر = لأنني –يا أم- فأر العصر

إني أرى ما لم ير الشقيق = فلي طريق، وله طريق

لأدخلن الدار بعد الدار = وثباً من الرف إلى الكرار

لعلني إن ثبتت أقدامي = ونلت –يا كل المنى- مرامي

آتيكما بما أرى في البيت = من عسل، أو جبنة، أو زيت

فعطفت على الصغير أمه = وأقبلت من وجدها تضمه

تقول: إني –يا قتيل القوت- = أخشى عليك ظلمة البيوت

كان أبوك قد رأى الفلاحا = في أن تكون مثله فلاحا

فاعمل بما أوصي ترح جناني = أو لا، فسر في ذمة الرحمن

فاستضحك الفأر، وهز الكتفا = وقال: من قال بذا قد خرفا

ثم مضى لما عليه صمما = وعاهد الأم على أن تكتما

فكان يأتي كل يوم جمعه = وجبنة في فمه، أو شمعه

حتى مضى الشهر، وجاء الشهر = وعرف اللص، وشاع الأمر

فجاء يوماً أمه مضطربا = فسألته: أين خلي الذنبا؟

فقال: ليس بالفقيد من عجب = في الشهد قد غاص، وفي الشهد ذهب

وجاءها ثانية في خجل = منها يدارى فقد إحدى الأرجل

فقال: رف لم أصبه عالي = صيرني أعرج في المعالي

وكان في الثالثه ابن الفاره = قد أخلف العادة في الزياره

فاشتغل القلب عليه، واشتعل = وسارت الأم له على عجل

فصادفته في الطريق ملقى = قد سحقت منه العظام سحقا

فناحت الأم، وصاحت: واها‍! = إن المعالي قتلت فتاها!

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:46 م]ـ

ملك الغربان وندور الخادم

كان للغربان في العصر مليك = وله في النخلة الكبرى أريك

فيه كرسي، وخدر، ومهود = لصغار الملك أصحاب العهود

جاءه يوماً ندور الخادم = وهو في الباب الأمين الحازم

قال: يا فرع الملوك الصالحين = أنت مازلت تحب الناصحين

سوسة كانت على القصر تدور = جازت القصر، ودبت في الجدور

فابعث الغربان في إهلاكها = قبل أن نهلك في أشراكها

ضحك السلطان من هذا المقال = ثم أدنى خادم الخير، وقال:

أنا رب الشوكة الضافي الجناح = أنا ذو المنقار، غلاب الرياح

"أنا لا أنظر في هذي الأمور" = أنا لا أبصر تحتي باندور!

ثم لما كان عام بعد عام = قام بين الريح والنخل خصام

وإذا النخلة أقوى جذعها = فبدا للريح سهلاً قلعها

فهوت للأرض كالتل الكبير = وهوى الديوان، وانقض السرير

فدها السلطان ذا الخطب المهول = ودعا خادمه الغالي يقول:

يا ندور الخير، أسعف بالصياح = ما ترى ما فعلت فينا الرياح؟

قال: يا مولاي، لا تسأل ندور = "أنا لا أنظر في هذي الأمور"!

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:48 م]ـ

الظبي والعقد والخنزير

ظبي رأى صورته في الماء = فرفع الرأس إلى السماء

وقال يا خالق هذا الجيد = زنه بعقد اللؤلؤ النضيد

فسمع الماء يقول مفصحا = طلبت يا ذا الظبي ما لن تمنحا

إن الذي أعطاء هذا الجيدا = لم يبق في الحسن له مزيدا

لو أن حسنه على النحور = لم يخرج الدر من البحور

فافتتن الظبي بذي المقال = وزاده شوقاً إلى اللآلي

ولم ينله فمه السقيم = فعاش دهراً في الفلا يهيم

حتى تقضى العمر في الهيام = وهجر طيب النوم والطعام

فسار نحو الماء ذات مره = يشكو إليه نفعه وضره

وبينما الجاران في الكلام = أقبل راعي الدير في الظلام

يتبعه حيث مشى خنزير = في جيده قلادة تنير

فاندفع الظبي لذاك يبكي = وقال من بعد انجلاء الشك

ما آفة السعي سوى الضلال = ما آفة العمر سوى الآمال

لولا قضاء الملك القدير = لما سعى العقد إلى الخنزير

فالتفت الماء إلى الغزال = وقال: حال الشيخ شر حال

لا عجب؛ إن السنين موقظه = حفظت عمراً لو حفظت موعظه

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:49 م]ـ

ولي عهد الأسد وخطبة الحمار

لما دعا داعي أبى الأشبال = مبشراً بأول الأنجال

سعت سباع الأرض والسماء = وانعقد المجلس للهناء

وصدر المرسوم بالأمان = في الأرض للقاصي بها والداني

فضاق بالذيول صحن الدار = من كل ذي صوف وذي منقار

حتى إذا استكملت الجمعيه = نادى منادي الليث في المعيه

هل من خطيب محسن خبير = يدعو بطول العمر للأمير؟

فنهض الفيل المشير السامي = وقال ما يليق بالمقام

ثم تلاه الثعلب السفير = ينشد، حتى قيل: ذا جرير

واندفع القرد مدير الكاس = فقيل: أحسنت أبا نواس!

وأومأ الحمار بالعقيره = يريد أن يشرف العشيره

فقال: باسم خالق الشعير = وباعث العصا إلى الحمير! ..

فأزعج الصوت ولي العهد = فمات من رعدته في المهد

فحمل القوم على الحمار = بجملة الأنياب والأظفار

وانتدب الثعلب للتأبين = فقال في التعريض بالمسكين:

لا جعل الله له قرارا = عاش حماراً ومضى حمارا!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير