ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:50 م]ـ
الأسد والثعلب والعجل
نظر الليث إلى عجل سمين = كان بالقرب على غيط أمين
فاشتهت من لحمه نفس الرئيس = وكذا الأنفس يصيبها النفيس
قال للثعلب: يا ذا الاحتيال = رأسك المحبوب، أو ذاك الغزال!
فدعا بالسعد والعمر الطويل = ومضى في الحال للأمر الجليل
وأتى الغيط وقد جن الظلام = فرأى العجل فأهداه السلام
قائلاً: يا أيها المولى الوزير = أنت أهل العفو والبر الغزير
حمل الذئب على قتلي الحسد = فوشى بي عند مولانا الأسد
فتراميت على الجاه الرفيع = وهو فينا لم يزل نعم الشفيع!
فبكى المغرور من حال الخبيث = ودنا يسأل عن شرح الحديث
قال: هل تجهل يا حلو الصفات = أن مولانا أبا الأفيال مات؟
فرأى السلطان في الرأس الكبير = موطن الحكمة والحذق الكثير
ورآكم خير من يستوزر = ولأمر الملك ركناً يذخر
ولقد عدوا لكم بين الجدود = مثل آبيس ومعبود اليهود
فأقاموا لمعاليكم سرير = عن يمين الملك السامي الخطير
واستعد الطير والوحوش لذاك = في انتظار السيد العالي هناك
فإذا قمتم بأعباء الأمور = وانتهى الأنس إليكم والسرور
برئوني عند سلطان الزمان = واطلبوا لي العفو منه والأمان
وكافكم أنني العبد المطيع = أخدم المنعم جهد المستطيع
فأحد العجل قرنيه، وقال: = أنت منذ اليوم جاري، لا تنال!
فامض واكشف لي إلى الليث الطريق = أنا لا يشقى لديه بي رفيق
فمضى الخلان تواً للفلاه = ذا إلى الموت، وهذا للحياه
وهناك ابتلع الليث الوزير = وحبا الثلعب منه باليسير
فانثنى يضحك من طيش العجول = وجرى في حلبة الفخر يقول:
سلم الثعلب بالرأس الصغير = ففداه كل ذي رأس كبير!
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:52 م]ـ
القرد والفيل
قرد رأى الفيل على الطريق = مهرولاً خوفاً من التعويق
وكان ذاك القرد نصف أعمى = يريد يحصي كل شيء علما
فقال: أهلاً بأبي الأهوال = ومرحباً بمخجل الجبال
تدفي الرءوس رأسك العظيما = فقف أشاهد حسنك الوسيما
لله ما أظرف هذا القدا = وألطف العظم وأبهى الجلدا!
وأملح الأذن فـ الاسترسال = كأنها دائرة الغربال!
وأحسن الخرطوم حين تاها = كأنه النخلة في صباها!
وظهرك العالي هو البساط = للنفس في ركوبه انبساط
فعدها الفيل من السعود = وأمر الشاعر بالصعود
فجال في الظهر بلا توان = حتى إذا لم يبق من مكان
أوفى على الشيء الذي لا يذكر = وأدخل الأصبع فيه يخبر
فاتهم الفيل البعوض، واضطرب = وضيق الثقب، وصال بالذنب
فوقع الضرب على السليمه = فلحقت بأختها الكريمه
ونزل البصير ذا اكتئاب = يشكو إلى الفيل من المصاب
فقال: لا موجب للندامه = الحمد لله على السلامه
من كان في عينيه هذا الداء = ففي العمى لنفسه وقاء
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:53 م]ـ
الشاة والغراب
مر الغراب بشاة = قد غاب عنها الفطيم
تقول والدمع جار = والقلب منها كليم:
يا ليت شعري يا ابني = وواحدي، هل تدوم؟
وهل تكون بجنبي = غداً على ما أروم؟
فقال: يا أم سعد = هذا عذاب أليم
فكرت في الغد، والفكـ = ـر مقعد ومقيم
لكل يوم خطوب = تكفي، وشغل عظيم
وبينما هو يهذي = أتى النعي الذميم
يقول: خلفت سعداً = والعظم منه هشيم
رأى من الذئب ما قد = رأى أبوه الكريم
فقال ذو البيت للأم = حين ولت تهيم:
إن الحكيم نبي = لسانه معصوم
ألم أقل لك تواً = لكل يوم هموم؟
قالت: صدقت، ولكن = هذا الكلام قديم
فإن قومي قالوا: = وجه الغراب مشوم
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:55 م]ـ
أمة الأرانب والفيل
يحكون أن أمة الأرانب = قد أخذت من الثرى بجانب
وابتهجت بالوطن الكريم = وموئل العيال والحريم
فاختاره الفيل له طريقا = ممزقاً أصحابنا تمزيقا
وكان فيهم أرنب لبيب = أذهب جل صوفه التجريب
نادى بهم: يا معشر الأرانب = من عالم، وشاعر، وكاتب
اتحدوا ضد العدو الجافي = فالاتحاد قوة الضعاف
فأقبلوا مستصوبين رايه = وعقدوا للاجتماع رايه
وانتخبوا من بينهم ثلاثه = لا هرماً راعوا، ولا حداثه
بل نظروا إلى كمال العقال = واعتبروا في ذاك سن الفضل
فنهض الأول للخطاب = فقال: إن الرأي ذا الصواب
أن تترك الأرض لذى الخرطوم = كي نستريح من أذى الغشوم
فصاحت الأرانب الغوالي: = هذا أضر من أبي الأهوال
ووثب الثاني فقال: إني = أعهد في الثعلب شيخ الفن
فلندعه يمدنا بحكمته = ويأخذ اثنين جزاء خدمته
فقيل: لا يا صاحب السمو = لا يدفع العدو بالعدو
وانتدب الثالث للكلام = فقال: يا معشر الأقوام
اجتمعوا؛ فالاجتماع قوه = ثم احفروا على الطريق هوه
يهوي إليها الفيل في مروره = فنستريح الدهر من شروره
ثم يقول الجيل بعد الجيل = قد أكل الأرنب عقل الفيل
فاستصوبوا مقاله، واستحسنوا = وعملوا من فورهم، فأحسنوا
وهلك الفيل الرفيع الشان = فأمست الأمة في أمان
وأقبلت لصاحب التدبير = ساعية بالتاج والسرير
فقال: مهلاً يا بني الأوطان = إن محلي للمحل الثاني
فصاحب الصوت القوي الغالب = من قد دعا: يا معشر الأرانب
¥