ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 10:57 م]ـ
أقدّم أبا نواس لأن المازني قال: سمعت رجلا يقرأ على أبي عبيدة شعر بشار، فمرت قصيدته الميمية أولها:
أبا جعفر ما طُولُ عيشٍ بدائم = ولا سالم عما قليل بسالم
فقال له: هاتها، فهي أوزن من ميميتي: جرير والفرزدق، ولقصيدة مروان بن أبي حفصة:
طَرَقَتكَ زائِرَةً فَحَيِّ خَيالَها = بَيضاءُ تُخلِطُ بِالحَياءِ دَلالَها
أجود من قصيدة الأعشى:
رَحَلَت سُمَيَّةُ غُدوَةً أَجمالَها = غَضبى عَلَيكَ فَما تَقولُ بَدا لَهاولقصيدة أبي نواس:
أَيُها المُنتابُ عَن عُفُرِه = لَستَ مِن لَيلي وَلا سَمَرِه
خيرٌ من قصيدة امرئ القيس:
رُبَّ رامٍ مِن بَني ثُعَلٍ = مُتلِجٍ كَفَّيهِ في قُتَرِه
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 11:27 م]ـ
أَيُها المُنتابُ عَن عُفُرِه = لَستَ مِن لَيلي وَلا سَمَرِه
أَذودُ الطَيرَ عَن شَجَرٍ = قَد بَلَوتُ المُرَّ مِن ثَمَرِه
فَاِتَّصِل إِن كُنتَ مُتَّصِلاً = بِقُوى مَن أَنتَ مِن وَطَرِه
خُفتُ مَأثورَ الحَديثِ غَداً = وَغَدٌ دانٍ لِمُنتَظِرِه
خابَ مَن أَسرى إِلى بَلَدٍ = غَيرِ مَعلومٍ مَدى سَفَرِه
وَسَّدَتهُ ثِنيَ ساعِدِهِ = سِنَةٌ حَلَّت إِلى شَفرِه
فَاِمضِ لا تَمنُن عَلَيَّ يَداً = مِنُّكَ المَعروفَ مِن كَدَرِه
رُبَّ فِتيانٍ رَبَأتُهُمُ= مَسقِطَ العَيّوقِ مِن سَحَرِه
فَاتَّقوا بي ما يُريبُهُمُ =إِنَّ تَقوى الشَرِّ مِن حَذَرِه
وَابنُ عَمٍّ لا يُكاشِفُنا = قَد لَبِسناهُ عَلى غَمَرِه
كَمَنِ الشَنآنُ فيهِ لَنا = كَكُمونِ النارِ في حَجَرِه
وَرُضابٍ بِتُّ أَرشُفُهُ = يَنقَعُ الظَمآنَ مِن خَصَرِه
عَلَّنيهِ خوطُ إِسحِلَةٍ = لانَ مَتناهُ لِمُهتَصِرِه
ذا وَمُغبَرٍّ مَخارِمُهُ = تَحسِرُ الأَبصارُ عَن قُطُرِه
لا تَرى عَينُ المُبينِ بِهِ = ما خَلا الآجالَ مِن بَقرِه
خاضَ بي لُجَّيهِ ذو حِرَزٍ= يُفعِمُ الفَضلَينِ مِن ضَفرِه
يَكتَسي عُثنونُهُ زَبَداً = فَنَصيلاهُ إِلى نَحرِه
ثُمَّ يَعتَمُّ الحِجاجُ بِهِ= كَاعتِمامِ الفوفِ في عُشرِه
ثُمَّ تَذروهُ الرِياحُ كَما = طارَ قُطنُ النَدفِ عَن وَتَرِه
كُلُّ حاجاتي تَناوَلَها = وَهوَ لَم تَنقُص قُوى أَشَرِه
ثُمَّ أَدناني إِلى مَلِكٍ = يَأمَنُ الجاني لَدى حُجرِه
تَأخُذُ الأَيدي مَظالِمَها = ثُمَّ تَستَذري إِلى عُصُرِه
كَيفَ لا يُدنيكَ مِن أَمَلٍ = مَن رَسولُ اللَهِ مِن نَفَرِه
فَاسلُ عَن نَوءٍ تُؤَمِّلُهُ= حَسبُكَ العَبّاسُ مِن مَطَرِه
مَلِكٌ قَلَّ الشَبيهُ لَهُ= لَم تَقَع عَينٌ عَلى خِطَرِه
لا تُغَطّى عَنهُ مَكرُمَةٌ = بِرُبى وادٍ وَلا خَمرِه
ذُلِّلَت تِلكَ الفِجاجُ لَهُ = فَهوَ مُختارٌ عَلى بَصَرِه
سَبَقَ التَفريطَ رائِدُهُ = وَكَفاهُ العَينَ مِن أَثَرِه
وَإِذا مَجَّ القَنا عَلَقاً= وَتَراءى المَوتُ في صُوَرِه
راحَ في ثِنيَي مُفاضَتِهِ = أَسَدٌ يُدمى شَبا ظُفُرِه
تَتَأَيّا الطَيرُ غُدوَتَهُ = ثِقَةً بِالشَبعِ مِن جَزَرِه
وَتَرى الساداتِ ماثِلَةً = لِسَليلِ الشَمسِ مِن قَمَرِه
فَهُمُ شَتّى ظُنونَهُمُ = حَذِرَ المَكنونِ مِن فِكَرِه
وَكَريمُ الخالِ مِن يَمَنٍ = وَكَريمُ العَمِّ مِن مُضَرِه
قَد لَبِستَ الدَهرَ لِبسَ فَتىً = أَخَذَ الآدابَ عَن عِبَرِه
فَاِدَّخِر خَيراً تُثابُ بِهِ = كُلُّ مَدخورٍ لِمُدَّخِرِه
أقدّم أبا نواس لأنه لما أُنشد أبو عبد الله بن الأعرابي هذه القصيدة، قال: أحسن والله! لو تقدّم هذا الشعر في صدر الإسلام لكان في صدر الأمثال السائرة.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 03:31 ص]ـ
أبو نواس
كان المأمون يقول: لو نطقت الدنيا لما وصفت نفسها بأحسن من قوله:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
وقال عمر بن شبة: قال سفيان بن عيينة لرجل من أهل البصرة: قد أحسن والله أبو نواسكم في قوله:
يا قمرا أبصرت في مأتم ... يندب شجوا بين أتراب
يبكي فيلقي الدر من نرجس ... ويلطم الورد بعناب
وإذا أعجب به سفيان مع زهده وورعه فما الظن بغيره
وقال هارون بن علي بن يحيى المنجم: أجمع أهل العلم بالشعر على أن أجود بيت للمحدثين في المدح قول أبي نواس:
وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... بجود كفك يأسو كل ما جرحا
وقال غيره بل قوله:
أنت على ما بك من قدرة ... فلست مثل الفضل بالواجد
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
ومما يجمع الظرف والإعجاب والإطراب قوله:
أربعة مذهبة ... لكل هم وحزن
تحيى بها عين ورو ... ح وفؤاد وبدن
الماء والبستان والقهوة والوجه الحسن
اهـ من خاص الخاص للثعالبي
وقد قال القاضي ابن خلكان: صحب أبا أسامة وابن الحباب الكوفي، وروى الحديث عن أزهر بن سعد، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الواحد بن زياد، ومعتمر بن سليمان، ويحيى القطان وعنه محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي.
وحدث عنه جماعة منهم الشافعي وأحمد بن حنبل وغندر ومشاهير العلماء ومن مشاهير حديثه ما روى محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة) (3).
وقال محمد بن إبراهيم: دخلنا عليه وهو في الموت فقال له صالح بن علي الهاشمي: يا أبا علي! أنت اليوم في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وبينك وبين الله هنات، فتب إلى الله من عملك.
فقال: إياي تخوف؟ بالله اسندوني.
قال: فأسندناه فقال: حدثني حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي شفاعة وإني اختبأت شفاعتي لاهل الكبائر من أمتي يوم القيامة) (4).
ثم قال: أفلا تراني منهم ..... اهـ البداية والنهاية
دمتم سالمين
¥