وكيف هزمناهم فَولَّوْا كأننا = وإياهم أسد الشَرى تَطرد الحُمرا
وكم قد نثرنا بالسيوف جماجماً = نظمنا بها فوق الثرى للعدى شعرا
وما جزعي للحرب يَحمَى وطيسها = ولكن لأرواح بها أزهقت صبرا
لك الله يا قتلى طرابلس التي = بها حكَّم الطليان أسيافهم غدرا
أداموا بها قتل النفوس نكايةً = إلى أن اصاروا كل بيت بها قبرا
ولما أحاط المسلمون بجيشهم = فعاد الفضاء الرحب في عينه شِبرا
تقهقر يبغي في الديار تحصُّناً = فقرَّبها من خشية الموت واستذرى
وأصبح ينكي أهلها من تغيُّظ = فيقتلهم صبراً ويُرهقهم عسرا
فأوسعهم بالسيف ضرباً رقابَهم = وآنافَهم جَدعاً وأجوافهم بَقرا
وما ضرّ كانيفا اللعين لو أنه = تقحمّ في الهيجاء عسكرنا المجرا
أيُحجم عنا هارباً بعُلوجه = ويبغي بقتل الأبرياء له فخرا
وهل حسِبوا قتل النساء شجاعة = وقد تركوا عند الرجال لهم ثأرا
لقد شجُعوا والموت ليس له يد = ولم يَشجُعوا والموت يطعنهم شزرا
يعِزّ على أسيافنا اليوم أنها = تقارع قوماً قرعهم بالعصا أحرى
ولم تك لولا الحرب تعلو سيوفنا = رءوسا نرى ملء القحوف بها عهرا
ومن مبكيات الدهر أو مضحكَاته = لدى الناس حرٌّ لم يكن خصمه حرا
لئن أيها القتلى أريقت دماؤكم = فما ذهبت عند العدى بعدكم هدرا
سنثأر حتى تسأم الحرب ثأرنا = ونقتل عن كل امرئ أنفساً عشرا
وإني لتغشاني إذا ما ذكرتكم = لواعج حزن ترتمي في الحشا جمرا
على أن قرص الشمس عند غروبها = يذكرني تلك الدماء إذا احمرّا
فأبكي تجاه الغرب والبدر لائح = من الشرق حتى أُبكي الشمس والبدرا
ويا أهل هاتيك الديار تحيّةً = توفّيكم الشكر الذي يرأس الشكرا
فقد قمتم للحرب دون بلادكم = تذودون عن أحواضها البغي والنُكرا
وثرتم أسوداً في الوغى يعرُبيّةً = غدا كل سيف في براثنها ظُفرا
تراها لدى الحرب العوان مُشيحةً = تُهَمهم حتى تُنطق الفتكة البكرا
ولو أن كَفّي تستطيع تناوُشاً = فتبلغُ في أبعادها الأنجم الزُهرا
لرتّبت منها في السماء قصيدة = لكم واتخذت البدر في رأسها طُغرى
وخلّدتها آياً لكم سَرمديّةً = مدائحها تستوعب الكون والدهرا
يقولون إن العصر عصر تمّدن = فما باله أمسى عن الحق مُزورا
إلى الله أشكو في الورى جاهليّة = يَعدّون فيها من تمدّنهم عصرا
أتتنا بثوب العلم تمشي تبختُراً = إلى الخير لكن قد تأبّطت الشرا
فلا تلتَمِظ في مدحها متمطِّقاً = فإن أظهرت حلواً فقد أبطنت مرا
لقد ملك الإفرنج أرض مراكش = وقد ملكوا من قبلها تونس الخضرا
ففاجأنا الطليان من بَعد مُلكهم = لكي يسلبونا في طرابلس الأمرا
وقالوا ألم تأت الفرنجة تونسا = وهذي جيوش الإنكَليز أتت مصرا
فخلُّوا لنا ما بين هذي وهذه = وإلاّ قسرناكم على تركها قسرا
فقلنا لهم إنا أحقّ بمُلكها = فقالوا ولكن زند قُوّتنا أورى
أهذا هو العصر الذي يدّعونه = فسحقاً له سحقاً ودفراً له دفرا
معروف الرصافي
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 07:32 م]ـ
عظمت صيحة الفداء وعزّت=أن توارى في دامس الظلماء
هي في غضبة الملايين تهوي=فوق جلادها سياط ازدراء
وهم المجرمون لن يطفئواالش=مس بإرهاب غيمة سوداء
تتحداهمالسجينة بالصم=ت رهيبا و البسمة الزهراء
تتحداهم صخورك يا أوراس=أن يوقفوا زئير القضاء
موجة تحمل العروبة فيها=من جديد مقدسات السماء
سليمان العيسى
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 11:45 م]ـ
قام يختال كالمسيح وئيدا =يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالط= فل، يستقبل الصباح الجديدا
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً =رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
رافلاً في خلاخل، زغردت تم= لأ من لحنها الفضاء البعيدا
حالماً، كالكليم، كلّمه المج= د فشد الحبال يبغي الصعودا
وتسامى، كالروح، في ليلة القد=ر، سلاماً، يشِعُّ في الكون عيدا
وامتطى مذبح البطولة مع راجاً،= ووافى السماءَ يرجو المزيدا
وتعالى، مثل المؤذن، يتلو= كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
صرخة، ترجف العوالم منها =ونداءٌ مضى يهز الوجودا
اشنقوني، فلست أخشى حبالا= واصلبوني فلست أخشى حديدا
.
وامتثل سافراً محياك جلا =دي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا
واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ= أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا
أنا إن مت، فالجزائر تحيا،= حرة، مستقلة، لن تبيدا
قولةٌ ردَّد الزمان صداها= قدُسِياً، فأحسنَ الترديدا
¥