وتعالى، مثل المؤذن، يتلو= كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
صرخة، ترجف العوالم منها =ونداءٌ مضى يهز الوجودا
اشنقوني، فلست أخشى حبالا= واصلبوني فلست أخشى حديدا
.
وامتثل سافراً محياك جلا =دي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا
واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ= أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا
أنا إن مت، فالجزائر تحيا،= حرة، مستقلة، لن تبيدا
قولةٌ ردَّد الزمان صداها= قدُسِياً، فأحسنَ الترديدا
احفظوها، زكيةً كالمثاني =وانقُلوها، للجيل، ذكراً مجيدا
وأقيموا، من شرعها صلواتٍ=، طيباتٍ، ولقنوها الوليدا
زعموا قتلَه…وما صلبوه، ليس= في الخالدين، عيسى الوحيدا
لفَّه جبرئيلُ تحت جناحي =ه إلى المنتهى، رضياً شهيدا
وسرى في فم الزمان "زَبَانا"= مثلاً، في فم الزمان شرودا
يا"زبانا"، أبلغ رفاقَك عنا في= السماوات، قد حفِظنا العهودا
.
واروِ عن ثورة الجزائر، للأف =لاك، والكائنات، ذكراً مجيدا
ثورةٌ، لم تك لبغي، وظلم =في بلاد، ثارت تفُكُّ القيودا
ثورةٌ، تملأ العوالمَ رعباً =وجهادٌ، يذرو الطغاةَ حصيدا
كم أتينا من الخوارق فيها= وبهرنا، بالمعجزات الوجودا
واندفعنا مثلَ الكواسر نرتا= دُ المنأيا، ونلتقي البارودا
من جبالٍ رهيبة، شامخات،= قد رفعنا عن ذُراها البنودا
وشعاب، ممنَّعات براها= مُبدعُ الكون، للوغى أُخدودا
وجيوشٍ، مضت، يد الله تُزْ= جيها، وتَحمي لواءَها المعقودا
من كهولٍ، يقودها الموت للن =صر، فتفتكُّ نصرها الموعودا
وشبابٍ، مثل النسورِ، تَرامى= لا يبالي بروحه، أن يجودا
.
وشيوخٍ، محنَّكين، كرام =مُلِّئت حكمةً ورأياً سديدا
وصبأيا مخدَّراتٍ تبارى= كاللَّبوءات، تستفز الجنودا
شاركتْ في الجهاد آدمَ حو=ا هُ ومدّت معاصما وزنودا
أعملت في الجراح، أنملَها اللّ =دنَ، وفي الحرب غُصنَها الأُملودا
فمضى الشعب، بالجماجم يبني =أمةً حرة، وعزاً وطيدا
من دماءٍ، زكية، صبَّها الأح= رارُ في مصْرَفِ البقاء رصيدا
ونظامٍ تخطُّه ثورة التح= رير كالوحي، مستقيماً رشيدا
وإذا الشعب داهمته الرزايا، هبَّ= مستصرخاً، وعاف الركودا
وإذا الشعب غازلته الأماني، =هام في نيْلها، يدُكُّ السدودا
دولة الظلم للزوال، إذا ما =أصبح الحرّ للطَّغامِ مَسودا!
.
ليس في الأرض سادة وعبيد= كيف نرضى بأن نعيش عبيدا
أمن العدل، صاحب الدار يشقى= ودخيل بها، يعيش سعيدا
أمن العدل، صاحبَ الدار يَعرى= وغريبٌ يحتلُّ قصراً مشيدا
ويجوعُ ابنها، فيعْدمُ قوتاً= وينالُ الدخيل عيشاً رغيداً
ويبيح المستعمرون حماها =ويظل ابنُها، طريداً شريدا
يا ضَلال المستضعَفين، إذا هم= ألفوا الذل، واستطابوا القعودا
ليس في الأرض، بقعة لذليل= لعنته السما، فعاش طريدا…
يا سماء، اصعَقي الجبانَ، ويا= أر ض ابلعي، القانع، الخنوعَ، البليدا
يا فرنسا، كفى خداعا فإنّا =يا فرنسا، لقد مللنا الوعودا
صرخ الشعب منذراً، فتصا =مَمْتِ، وأبديت جَفوة وصدودا
.
سكت الناطقون، وانطلق الرش= اش، يلقي إليكِ قولاً مفيدا:
نحن ثرنا، فلات حين رجوعٍ= أو ننالَ استقلالَنا المنشودا
يا فرنسا امطري حديداً ونارا =واملئي الأرض والسماء جنودا
واضرميها عرْض البلاد شعالي= لَ، فتغدو لها الضعاف وقودا
واستشيطي على العروبة غيظاً= واملئي الشرق والهلال وعيدا
سوف لا يعدَمُ الهلال صلاحَ الد= ين، فاستصرِخي الصليب الحقودا
واحشُري في غياهب السجن شعبا= سِيمَ خسفاً، فعاد شعباً عنيدا
واجعلي "بربروس" مثوى الضحايا =إن في بربروس مجداً تليدا
واربِطي، في خياشم الفلك الدوَّ= ار حبلاً، وأوثقي منه جيدا
عطلى سنة الاله كما عط=لتِ من قبلُ "هوشمينَ" المريدا
.
إن من يُهمل الدروس، وينسى= ضرباتِ الزمان، لن يستفيدا…
نسيَت درسَها فرنسا، فلقنَّا =فرنسا بالحرب، درساً جديداً
وجعلنا لجندها "دار لقمَا نَ"= قبوراً، ملءَ الثرى ولحودا
يا "زبانا" ويا رفاق "زبانا" =عشتمُ كالوجود، دهراً مديدا
كل من في البلاد أضحى "زبانا"= وتمنى بأن يموت "شهيدا"
أنتم يا رفاقُ، قربانُ شعب= كنتم البعثَ فيه والتجديدا
فاقبلوها ابتهالةً، صنع الرش= اشُ أوزانهَا، فصارت قصيدا
واستريحوا، إلى جوارِ كريمٍ =واطمئنوا، فإننا لن نحيدا
المفدى زكريا
¥