43. ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ شمس الدين الذهبي ـ تحقيق: علي محمد البجاوي ـ مطبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي ـ الطبعة الاولى سنة 1382 هـ.
44. نظرات في تفسير آيات من القرآن الكريم ـ د. محسن عبد الحميد ـ دار الانبار ـ بغداد ـ شارع المتنبي ـ 1997 م.
ـ[محمد كالو]ــــــــ[07 Jul 2007, 05:39 ص]ـ
تحقيق رائع وجهد موفق، سلمت يمناك يا أخي أ. م.د. عبد المجيد محمد أحمد الدوري
جامعة تكريت ـ كلية التربية / سامراء
وشكرا للأخ إياد سالم صالح السامرائي المدرس في كلية الشريعة ـ جامعة تكريت ـ على وضعه للبحث في الملتقى
وأريد أن أقول:
ومن الفرية على المعصوم يوسف عليه السلام في قوله تعالى:
{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}
ولكي يؤيدوا باطلهم رووا عن الصحابة والتابعين مالا يليق بمقام الأنبياء، واختلقوا على النبي صلى الله عليه وسلم زوراً، وقوّلوه ما لم يقل, قال صاحب الدر:
"وأخرج الفريابي وابن جرير و ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن بن عباس رضي الله عنهما قال: لما جمع الملك النسوة قال لهن: أنتن راودتن يوسف عن نفسه؟
قلن: {حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}
قال يوسف {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} فغمزه جبريل عليه السلام وقال: ولاحين هممت بها فقال: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
واخرج بن جرير عن مجاهد وقتادة والضحاك والسدي وأخرج الحاكم في تاريخه وبن مردويه و الديلمي عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}
قال: لما قال يوسف ذلك، قال له جبريل عليه السلام: ولا يوم هممت بما هممت به، قال {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
وأخرج بن جرير عن عكرمة مثله،وقال {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}، فقال جبريل:" ولا حين حللت السراويل"، إلى غير ذلك من المرويات المكذوبة، والإسرائيليات الباطلة، التي خرجها بعض المفسرين الذين كان منهجهم ذكر المرويات، وجمع اكبر قدر منها كحاطب ليل يأتون بالغث والثمين وغيره.
القرآن يرد هذه الأكاذيب، إن هؤلاء الكاذبين وضاع الحديث فاتهم قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}
وهذا ليس من مقالة يوسف بل هو قول امرأة العزيز وهو ما يتفق وسياق الآية؛ فإن العزيز لما أرسل رسوله لإحضار يوسف من السجن قال له:
{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} فأحضرهن وسألهن فشهدن ببراءة يوسف، فلم تجد امرأة العزيز بداً من الاعتراف فقالت: {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ {51} ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ {52} وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}
فكل هذا من قولها، ولم يكن يوسف حاضراً بل كان في السجن؛ فكيف يعقل أن يصدر منه ذلك في مجلس التحقيق الذي عقد له من قِبَل العزيز.
وقد انتصر لهذا الرأي الذي يلائم السياق: الإمام بن تيمية وألف في ذلك وألّف في ذلك تصنيفاً على حده.
قال الإمام الحافظ المفسر بن كثير في تفسيره: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} تقول إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، و إنما راودت هذا الشاب مراودة، فامتنع، ولهذا اعترفت ليعلم أني بريئة، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، ولست أبريء نفسي فإن النفس تتحدث وتتمنى، ولهذا راودته، لأن النفس أمارة بالسوء إلا من رحم ربي: أي إلا من عصم الله تعالى إن ربي غفور رحيم وهذا القول هو الأنسب والأشهر والأليق لمعاني الكلام وسياق القصة، وهذا الذي حكاه ابن كثير، وقد حكاه الموردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام بن تيمية رحمه الله فأفرده بتصنيف على حدة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Jul 2007, 05:51 ص]ـ
بحث طيب، وجهد مشكور، وقد خلص الباحث فيه إلى: أن القول الراجح من رأي المفسرين أن (الهم) لم يحصل أصلاً، وهو معصوم من كل ما سوّد به المفسرون صفحة دعوته البيضاء الى الله ? بشهادة رب العالمين وكل من له تعلق بالقصة، فهو من عباد الله المخلصين، وبذلك تسقط أقوال الواحدي والطبري وغيره، فيما نسبوا إلى نبي يوسف الصديق من الفعل القبيح الذي لا يليق بآحاد الناس، فضلاً عن نبي عصمه الله تعالى من كل الدنايا وأثنى عليه، بمحكم التنزيل ? إنه من عبادنا المخلصين ?.
وقد سبق دراسة هذه المسألة هنا: أبومجاهد العبيدي: دراسة أقوال المفسرين في المراد بهمّ يوسف عليه السلام بامرأة العزيز ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=26409#post26409)
وكانت النتيجة التي وصلتُ إليها هي: الذي ظهر لي من هذه الدراسة أن تبرئة نبي الله يوسف عليه السلام من كل ما نسب إليه في الآثار التي أوردها ابن جرير وغيره هو المتعين، وهو اللائق بمقام الأنبياء عليهم السلام.
ثم إن هذه الآثار – إن ثبتت عن قائليها من السلف – مأخوذة من أهل الكتاب؛ لأنه لم يثبت شيء منها في كتاب، ولا سنة.
وإذا تقرر هذا؛ فإن الأمر في توجيه معنى الآية يسير، وهو لا يخرج عن المعنيين اللذين ذكرها ابن القيم؛ وترجيح ابن القيم أقرب إلى الصواب في نظري؛ لأن الله تعالى أثبت في الآية هماً وقع من يوسف عليه السلام، ثم صرف عنه هذا الهمّ بعد رؤيته لبرهان ربه.
ولو كان يوسف لم يهمّ أصلاً لما كان لذكر همّه في الآية فائدة ظاهرة. والله أعلم.