[لقد خلقنا الإنسان في كبد]
ـ[الجخيدب]ــــــــ[16 Aug 2007, 02:41 م]ـ
كثيرا ما يتعرض الإنسان في هذه الحياة إلى محن وبلايا يود حينها أن روحه قد أسلمت إلى باريها، وأن أجله قد انتهى ولم يلاقي ما لاقى من شدائد وكُرَب، ولكنَّ المؤمن الحق بقضاء الله وقدره يصبر، ويتعزى بوعد الله إن الله مع الصابرين.
وبتدبر القرآن الكريم الذي أنزله الله هدى ورحمة وشفاء للمؤمنين ينجلي الكرب وينكشف الهم والغم، ويتبدل حزنه فرحا، وبليته عطية.
وهذه إطلالة على آية من آيات الذكر الحكيم من تدبرها وقرأ ما قاله السلف في تفسيرها اطمأنت نفسه، وانشرح صدره، وعلم أن هذه هي سنة الله في خلقه، " لقد خلقنا الإنسان في كبد ".
يقول الله تعالى: " لقد خلقنا الإنسان في كبد " سورة البلد (4).
أي: لقد خلقنا ابن آدم في شدة ونصب وعناء من مكابدة الدنيا وأهوال الأخرى.
يقول الحسن رحمه الله تعالى: يكابد الشكر على السَّرَّاء، والصبر على الضَّرَّاء، لأنه لا يخلو من أحدهما، ويكابد مصائب الدنيا، وشدائد الآخرة.
وقال يمان: لم يخلق الله خلقا يكابد ما يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف الخلق.
قال القرطبي: قال علماؤنا: أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا قُمِط قماطا، وشد رباطا (1)، يكابد الضيق والتعب، ثم يكابد الارتضاع، ولو فاته لضاع، ثم يكابد نبت أسنانه، وتحرك لسانه، ثم يكابد الفطام، الذي هو أشد من اللطام، ثم يكابد الختان، والأوجاع والأحزان، ثم يكابد المعلم وصولته، والمؤدب وسياسته، والاستاذ وهيبته، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه، ثم يكابد شغل الاولاد والخدم والاجناد، ثم يكابد شغل الدور، وبناء القصور، ثم الكبر والهرم، وضعف الركبة والقدم، في مصائب يكثر تعدادها، ونوائب يطول إيرادها، من صداع الرأس، ووجع الاضراس، ورمد العين، وغم الدين، ووجع السن، وألم الاذن.
ويكابد محنا في المال والنفس، مثل الضرب والحبس، ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة، ولا يكابد إلا مشقة.
ثم الموت بعد ذلك كله، ثم مسألة الملك، وضغطة القبر وظلمته، ثم البعث والعرض على الله، إلى أن يستقر به القرار، إما في الجنة وإما في النار، قال الله تعالى: " لقد خلقنا الانسان في كبد "، فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد.
ودل هذا على أن له خالقا دبره، وقضى عليه بهذه الاحوال، فليمتثل أمره.
(1) " القَمْطُ: شَدٌّ كشدّ الصبيّ في المَهْدِ وفي غير المهد إذا ضُمَّ أَعضاؤه إِلى جسده ثم لُفَّ عليه القِماطُ ... واسم ذلك الحبل القِماطُ.
والقِماط: حبل يُشَدُّ به قوائم الشاة عندما تذبح، وكذلك ما يُشد به الصبيُّ في المهد. انظر لسان العرب لابن منظور مادة: قمط.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[21 Aug 2007, 05:39 ص]ـ
لقد خلقنا النسان فى أحسن تقويم " نوضح أن ما بعد "خلقنا الانسان فى ... "هو شيئ فى الخلقة كي يشمل الانسان كل الانسان. والكبد بمعنى النصب والشدة لا يصدق على كل انسان فى كل الأزمنة والأحوال ولو كان كذلك لقلنا أن من لن يكابد أهوال الأخرة أنه ليس فى كبد وهذا ينقض أن الانسان كل الانسان فى كبد
والعضو المسمى كبد لماذا هو اسمه كبد؟ هل لأنه يعمل دائما اذن فالمخ والكلى كذلك , أما هو كذلك لأنه من الادماج والتعقيد ما يجعل مافيه مكبودا حيث فيه أكبر تنوع من الخلايا وأكبر تنوع من الأنابيب والسوائل هذا فضلا عن تنوع الوظائف كل ذلك فى عدم وجود أى فراغات أو تجاويف داخله
والانسان فيه كل مافى الكون من تنوع من مادة وطاقة , فيه من القوى الحياة والنفس والروح , فيه من الملاك والشيطان , فيه من الكفر والايمان ,فهو أعقد مخلوق على الاطلاق. ولذلك فهو فى كبد.والله أعلم