تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ

ـ[أبو أميرة]ــــــــ[22 Aug 2007, 04:49 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

{تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، إنه كان حليماً غفورا}. .

وهو تعبير تنبض به كل ذرة في هذا الكون الكبير، وتنتفض روحاً حية تسبح الله. فإذا الكون كله حركة وحياة، وإذا الوجود كله تسبيحة واحدة شجية رخية، ترتفع في جلال إلى الخالق الواحد الكبير المتعال.

وإنه لمشهد كوني فريد، حين يتصور القلب. كل حصاة وكل حجر. كل حبة وكل ورقة. كل زهرة وكل ثمرة. كل نبتة وكل شجرة. كل حشرة وكل زاحفة. كل حيوان وكل إنسان. كل دابة على الارض وكل سابحة في الماء والهواء. . ومعها سكان السماء. . كلها تسبح الله وتتوجه إليه في علاه.

وإن الوجدان ليرتعش وهو يستشعر الحياة تدب في كل ما حوله مما يراه ومما لا يراه، وكلما همت يده أن تلمس شيئاً، وكلما همت رجله أن تطأ شيئاً. . سمعه يسبح الله، وينبض بالحياة.

{وإن من شيء إلا يسبح بحمده} يسبح بطريقته ولغته {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} لا تفقهونه لأنكم محجوبون بصفاقة الطين، ولأنكم لم تتسمعوا بقلوبكم، ولم توجهوها إلى أسرار الوجود الخفية، وإلى النواميس التي تنجذب إليها كل ذرة في هذا الكون الكبير، وتتوجه بها إلى خالق النواميس، ومدبر هذا الكون الكبير.

وحين تشف الروح وتصفو فتتسمع لكل متحرك أو ساكن وهو ينبض بالروح، ويتوجه بالتسبيح، فإنها تتهيأ للاتصال بالملأ الأعلى، وتدرك من أسرار هذا الوجود ما لا يدركه الغافلون، الذين تحول صفاقة الطين بين قلوبهم وبين الحياة الخفية الساربة في ضمير هذا الوجود، النابضة في كل متحرك وساكن، وفي كل شيء في هذا الوجود.

{إنه كان حليماً غفورا}. . وذكر الحلم هنا والغفران بمناسبة ما يبدو من البشر من تقصير في ظل هذا الموكب الكوني المسبح بحمد الله، بينما البشر في جحود وفيهم من يشرك بالله، ومن ينسب له البنات، ومن يغفل عن حمده وتسبيحه.

من تفسير الظلال لسيد قطب

شاهد الصورة المرفقة

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير