تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رفع الإيهام عن يوسف عليه السلام]

ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[06 Jul 2007, 11:43 م]ـ

(كتب الدكتور عبد المجيدمحمد أحمد الدوري بحثاً بعنوان (رَفْعُ الإيهامِ عَن يوسفَ ?) وهو يود أن ينشره في ملتقى أهل التفسير فكلفني بهذه المهمة، وهو بحث بذل فيه الباحث جهداً طبياً، وموضوعه يستحق البحث والمناقشة، فأنا اليوم أضعه في الملتقى لتعم به الفائدة واطرحه تحت مناقشة الأعضاء ليفيدونا بتعليقاتهم وآرائهم السديدة

رَفْعُ الإيهامِ

عَن يوسفَ ?

وهو بحث في تفسير قوله ?:

? وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ?

إعداد أ. م.د. عبد المجيد محمد أحمد الدوري

جامعة تكريت ـ كلية التربية / سامراء

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من ختم به عقد الأولين والآخرين، وجعل رسالته خاتمة الرسالات، وخصَّه الله بأرقى الكمالات، وجعل دينه المهيمن على سائر الأديان، سيدنا محمد ? المبعوث رحمة للعالمين.

وبعد: فإن خير ما تصرف لأجله الهمم، وتشدُّ إليه الرحال، وتمتطى في سبيله الركاب، هو النظر في آية محكمة أو سنَّة متبعة. فهذا البحث محاولة جادة يسلط الضوء على قبس من أقباس القرآن، نلتقي به مع نبي صديق ورسول ابتلاه الله ? فصبر على ابتلائه، وثبت على دينه وإيمانه بالله ?، فلم تغيِّره المغيِّريات، ولن تثنيه التهديدات من لدن امرأة تملك السلطان والمال والجمال، وكان أثبت من الراسيات. فكانت نعمة الجمال التي أنعم الله ? بها عليه عرضته لفتنته، قلَّ أن تمرَّ بأحد فيخرج منها معافى سليماً ثابت الجنان. وبحثنا هذا معقود لإماطة اللثام عن قوله ?: ? وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أن رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ?، وإزالة الأوهام التي تعلق بها أهل الروايات المكذوبة، والأخبار الإسرائيلية، والحكايات المنتحلة في نسبة (الهمّ) بالفعل المشين الى نبي عصمه الله من الدنايا، وصان عرضه من كل قولٍ وسوء.

لقد تعرض هذا النبي الصديق الى أشد أنواع الابتلاء، فعاش زمن العبودية وهو النبي الحر المدلل عند أبيه، فشاءت الأقدار أن يشتريه العزيز بثمن بخسٍ، ويكون عبدًا لامرأة حسناء بارعة الجمال، تملك من كل مغريات الحياة ومتعها، فهي سيدة القصر الذي عاش فيه النبي المستعبد، وكانت تنظر الى جماله منذ نعومة أظفاره فعشقته وهامت بحبه الى درجة الجنون، فذات يوم من الأيام، وهو في بيتها، استولى عليها سلطان الشهوة فأسرها، فأخذت ترسل التلميحات والإشارات، فلم تجد لها موضعًا عند من أحبته، فلما عجزت تلك الاشارات، وخابت في التعريض له بالمغازلة والمهازلة، تنزلت الى المكاشفة والمصارحة، ومن شأن النساء أن المرأة تكون مطلوبة لا طالبة، ومراوَدة عن نفسها لا مراوِدة، حتى إن حماة الأنوف من كبراء الرجال ليطأطئون الروؤس لفقيرات الحسان ربات الجمال، بل إن الملوك ليذلون أنفسهم لمملوكاتهم وإزواجهم، ولا يأبون أن يسموا أنفسهم عبيدًا لهنَّ، ولكن هذا النبي (العبد العبراني) الخارق للطبيعة البشرية في حسنه وجماله، وفي جلاله، قد عكس القضية وأسس سلوكًا وناموسًا جديدًا في عالم المغريات، وجعل كل ما في الدنيا ومغرياتها لا يساوي طرفة عين تنتهك فيه المحرمات وتهاون فيه المقدسات، وخرق نظام الطبيعة، فأخرج المرأة من طبع أنوثتها وتمنعها، وهبط بالسيدة المالكة من عزة سيادتها وسلطانها الى امرأة ذليلة لشهوتها وعبدها وخادمها، بما هونه عليها قرب الوساد وطول السواد ()، ثم تصارحه بالدعوة إلى نفسها، فيزداد تمسكًا بما حباه الله ? من غرس الإيمان وصلابة على الأمر الذي اختاره الله ليكون داعية إليه على نور وبصيرة، ومن أجل دينه اختار السجن على المعصية، وعدم الوقوع في وحل الرذيلة، هذا هو النبي الكريم يوسف ? الذي نلتقي معه في جزئية من جزئيات جهاده، ودعوته إلى الله ? في بحثنا هذا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير