[الترتيل: يعني الترتيب وليس تجويد التلاوة حصرا]
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Oct 2007, 12:42 ص]ـ
الترتيل يعني الترتيب وليس تجويد التلاوة
ما معنى الترتيل؟
الترتيل مصدر " رتل " والراء والتاء واللام في لغة العرب جذر لغوي يدل على التنسيق والترتيب. وعلى حسن الأداء إذا حمل على الكلام، فالأصل هو الترتيب. قالت العرب: ثغر رتل أي مفلج الأسنان منتظمها، بين كل سن وسن فواصل دقيقة لكنها ملحوظة على نسق ونظام مرتبين.
(فسر بعضهم قوله تعالى (ورتل القرآن ترتيلا) أي اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير. صبحي الصالح مباحث في علوم القرآن ص 70 نقلا عن الزركشي: البرهان 1/ 259).
(رتل: استوى وانتظم وحسن تأليفه، ورتل الشيء: نسقه ونظمه. ورتل: جود تلاوته. المعجم الوسيط 1/ 327).
فهذا هو الأصل في الوضع اللغوي، معنى الترتيل هو: الترتيب والتنسيق. ومنه استعيرت بقية الصور في الكلام، ومنها التجويد وتحسين التلاوة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا غاب معنى الترتيب وهو الأصل، لصالح المعنى المستعار وهو التجويد وتحسين التلاوة؟
قصة الترتيل:
يختلف ترتيب سور وآيات القرآن الكريم في المصحف – على النحو الذي هو عليه الآن – عن ترتيب النزول اختلافا بعيدا.فمن المعلوم أن القرآن الكريم قد نزل منجما (مفرقا) في ثلاث وعشرين سنة حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس , ثم جمع أخيرا على نحو مغاير لترتيب نزوله.
هذه الظاهرة أثارت عددا من التساؤلات ومنذ القديم. بدأت بالسؤال الذي أثاره المشركون عن علة التنجيم (سبب نزول القرآن مفرقا وليس جملة) بقصد التشكيك بالقرآن. فرد عليهم القرآن: (سورة الفرقان 25/ 32)
(وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا) الفرقان 25/ 32.
إجابة قرآنية حسمت الموقف حسما نهائيا: لنثبت به فؤادك.
فالتثبيت هو علة التنجيم.
السؤال التالي التي أثارته ظاهرة الترتيب القرآني: ما الحكمة من ترتيب القرآن على غير ترتيب نزوله؟
لقد كان ممكنا أن ينزل القرآن مفرقا ويحقق التثبيت الذي تذكره الآية ويرتب أولا بأول .. إلا أنه لم يكن ذلك ..
المتدبر في الآية يلاحظ أن الآية بعد أن تذكر نزول القرآن مفرقا وتبين علة نزوله على هذا النحو .. تضيف شيئا آخر هو " ورتلناه ترتيلا " .. أي فضلا عن نزول القرآن مفرقا – على تؤدة وتمهل كما يقول المفسرون – فهناك شيء آخر هو الترتيل وهو غير النزول مفرقا .. وهو غير التؤدة والتمهل والتيسير وغير ذلك ..
فما معنى الترتيل الذي تذكره الآية؟ معناه الترتيب وليس تجويد التلاوة كما هو في المفهوم السائد حصرا ..
قرأت لبعضهم أن الله قد نسب الترتيل إلى نفسه للدلالة على عظمة التجويد. لماذا لا يكون ذلك للدلالة على عظمة الترتيب؟ أليس القرآن كتاب الله الكريم؟ فإذا كان الله قد رتب كل شيء في هذا الكون ابتداء من الذرة وانتهاء بالمجرة، فهل يترك ترتيب كتابه لأحد من الناس يرتبه على هواه؟ أليس من المنطق أن يتولى هو ترتيب كتابه؟ وليكون هذا الترتيب مما يليق بالكتاب المعجز؟
هل يرتب الله كل شيء في الكون ويستثني من ذلك كتابه الكريم؟
هل عدم اكتشافنا لأسرار هذا الترتيب تعني أنه غير موجود؟
لقد تعهد الله سبحانه بحفظ القرآن الكريم. وأعتقد أن معنى الحفظ يشمل الترتيب، أم أن الله تعهد بحفظ كتابه ولكن من دون ترتيب؟
كما تعهد بجمعه وقرآنه (إن علينا جمعه وقرآنه) فهل هو جمع فوضوي أم جمع وفق ترتيب محدد؟
السؤال:
ما هي لغة الترتيب؟
لغة الترتيب هي العد والإحصاء والحساب. يقول سبحانه:
" .. وكفى بنا حاسبين " الأنبياء 21/ 47
" .. وهو أسرع الحاسبين " الأنعام 6/ 62.
" .. وأحصى كل شيء عددا " الجن 72/ 28.
هذا كلام الله عن نفسه، فكل شيء عنده بحساب، إنه أسرع الحاسبين ..
والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس من الطبيعي أن يكون ترتيب القرآن بحساب؟ سوره وآياته وكلماته وحروفه وكل شيء فيه ..
¥