تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سؤال: من قال بنسخ الآية {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؟

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[31 Aug 2007, 05:27 م]ـ

في مقال نشر في هذا الرابط ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1188043943177&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout) بعنوان (حد الردة .. والإشكال الأصولي)، ذكر الدكتور أحمد الريسوني ما يلي بخصوص الآية الكريمة: (لا إكراه في الدين)

((من الآيات التي ذهب بعض المفسرين إلى القول بنسخها، الآية الكريمة: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، مع أن الآية تقرر قضية كلية قاطعة، وحقيقة جلية ساطعة، وهي أن الدين لا يكون ـ ولا يمكن أن يكون ـ بالإكراه. فالدين إيمان واعتقاد يتقبله عقل الإنسان وينشرح له قلبه، وهو التزام وعمل إرادي، والإكراه ينقض كل هذا ويتناقض معه.

فالدين والإكراه لا يمكن اجتماعهما، فمتى ثبت الإكراه بطل الدين. فالإكراه لا ينتج دينا، وإن كان قد ينتج نفاقا وكذبا وخداعا، وهي كلها صفات باطلة وممقوتة في الشرع، ولا يترتب عليها إلا الخزي في الدنيا والآخرة.

وكما أن الإكراه لا ينشئ دينا ولا إيمانا، فإنه كذلك لا ينشئ كفرا ولا ردة، فالمكرَه على الكفر ليس بكافر، والمكره على الردة ليس بمرتد، وهكذا فالمكره على الإيمان ليس بمؤمن، والمكره على الإسلام ليس بمسلم. ولن يكون أحد مؤمنا مسلما إلا بالرضا الحقيقي: "رضيتُ بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا". وإذا كان الإكراه باطلا حتى في التصرفات والمعاملات والحقوق المادية والدنيوية، حيث إنه لا ينشئ زواجا ولا طلاقا، ولا بيعا، ولا بيعة، فكيف يمكنه أن ينشئ دينا وعقيدة وإيمانا وإسلاما؟!.

فقضية {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} هي قضية كلية محكمة، عامة تامة، سارية على أول الزمان وآخره، سارية على المشرك والكتابي، سارية على الرجال والنساء، سارية قبل الدخول في الإسلام، وبعده، أي سارية في الابتداء وفي الإبقاء، فالدين لا يكون بالإكراه ابتداء، كما لا يكون بالإكراه إبقاء.

ولو كان للإكراه أن يتدخل في الدين ويُدخل الناس فيه، أو يبقيهم فيه، لكان هو الإكراه الصادر عن الله عز وجل، فهو سبحانه وحده القادر على الإكراه الحقيقي والمُجْدي، الذي يجعل الكافر مؤمنا والمشرك موحدا والكتابي مسلما، ويجعل جميع الناس مؤمنين مسلمين، ولكنه سبحانه ـ بحكمته ـ أبى ذلك ولم يفعله: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149]، {وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107] فحكمة الله التي لم تأخذ بالإكراه في الدين، حتى في صورة كونه ممكنا ومجديا وهاديا، لا يمكن أن تقره حيث لا ينتج سوى الكذب والنفاق وكراهية الإسلام وأهله.

وإذا كانت الآية {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} غير منسوخة وغير قابلة للنسخ، فهي أيضا غير مخصصة وغير قابلة للتخصيص. وأقل ما يقال في هذا المقام، هو أن الآية جاءت بصيغة صريحة من صيغ العموم، فلا يمكن تخصيصها إلا بدليل مكافئ ثبوتا ودلالة. قال العلامة ابن عاشور: "وجيء بنفي الجنس [لا إكراه]، لقصد العموم نصا، وهي (أي الآية) دليل واضح على إبطال الإكراه على الدين بسائر أنواعه ... ".

إذا تقرر أن هذه الآية محكمة غير منسوخة، وعامة غير مخصوصة، وإذا كان هذا واضحا وصريحا بلفظ الآية ومنطوقها، فلننظر الآن في بعض الاعتراضات والاستشكالات الواردة في الموضوع، وأهمها أمران:

الأول: ما ثبت في عدد من النصوص القرآنية والحديثية وكذلك في السيرة النبوية الفعلية، من قتال للمشركين حتى أسلموا ... وهكذا تم "إكراه" معظم مشركي العرب على الدخول في الإسلام، كما يقال.

الثاني: حد الردة، فإنه "إكراه" على البقاء في الإسلام، وبذلك اعتبر هذا الوجه من وجوه الإكراه خارجا عن مقتضى الآية وعمومها .... ))

وسؤالي: مَن مِن المفسرين ذهب إلى أن الآية منسوخة؟

ـ[عبدالرحمن المحيميد]ــــــــ[01 Sep 2007, 01:38 م]ـ

القول بأن الآية محكمة رجحه أكثر العلماء كأبي عبيد في الناسخ والمنسوخ ص282، والنحاس في الناسخ والمنسوخ 2/ 101، والطبري في جامع البيان 4/ 553، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص194، وغيرهم.

وهناك من يرى أن الآية منسوخة بآيات القتال كقوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ... ) الآية (التوبة: 5]، وقوله تعالى: (ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ... ) الآية [التوبة: 73]،

وهذا القول مروي عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في معالم التنزيل للبغوي ص160، وعكرمة كما في تفسير ابن أبي حاتم 2/ 494، والسدي، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن، كما أخرج ذلك عنهم ابن جرير في جامع البيان 4/ 549 ـ 553، وسليمان بن موسى كما في الناسخ والمنسوخ للنحاس 2/ 99، ونواسخ القرآن لابن الجوزي 1/ 300، ونسبه الشوكاني في فتح القدير 1/ 275 إلى كثير من المفسرين، واحتمله الشنقيطي في دفع إيهام الاضطراب ص 33، فقال: «وعلى كل حال، فآيات السيف نزلت بعد نزول السورة التي فيها (لاإكراه في الدين ?) الآية، والمتأخر أولى من المتقدم، والعلم عند الله تعالى».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير