والد أسامة بن منقذ يؤلِّف كتابًا في علوم القرآن من خلال كتابة المصحف الشريف
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Jul 2007, 04:24 ص]ـ
كم هو لطيف أن تحصل على فائدة في تخصصك في غير مظنتها، ومن هذه الفوائد ما حكاه أسامة بن منقذ (ت: 584) رحمه الله تعالى عن أبيه (ت: 531) رحمه الله تعالى، قال: (وكان يكتب خطاً مليحاً، فما غيرت تلك الطعنة من خطه، وكان لا ينسخ سوى القرآن، فسألته يوماً فقلت: يا مولاي كم كتبت ختمه؟ قال: الساعة تعلمون.
فلما حضرته الوفاة قال: في ذلك الصندوق مساطر كتبت على كل مسطرة ختمة ضعوها ـ يعني المساطر ـ تحت خدي في القبر، فعددناها، فكانت ثلاثاً وأربعين مسطرة. فكانت كتبٌ بِعِدَّتِها ختمات؛ منها ختمه كبيره ختمها بالذهب، وكتب فيها علوم القرآن ـ: قراءاته، وغريبة، وعربيته، وناسخه ومنسوخة، وتفسيره، وسبب نزوله، وفقهه ـ بالحبر والحمرة والزرقة، وترجمه بـ (التفسير الكبير).
وكتب ختمه أخرى بالذهب مجردة من التفسير.
وباقي الخاتمات بالحبر مُذَهَّبَة الأعشار والأخماس والآيات ورؤوس السور ورؤوس الأجزاء.
وما يقتضي الكتاب ذكر هذا، وإنما ذكرته لأستدعي له الرحمة ممن وقف عليه). كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ، تحقيق الدكتور عبد الكريم الأشتر (ص: 119).
وفي هذا النص فوائد:
الأولى: استخدام أسامة بن منقذ لمصطلح علوم القرآن كما هو معروف اليوم (كفنٍّ مدون)، وهذا مما يحرص طالب علم القرآن على تلقُّفه وحفظه.
الثانية: إدخال العلوم المتعلقة بالقرآن في المصحف، وهذا يدل على تقدم هذا الصنيع على ما هو موجود من صنع المتأخرين من جعلهم بعض العلوم المتعلقة بالقرآن في حاشية المصحف، ومن أعمال المعاصرين:
1 ـ جعل غريب ألفاظ القرآن في حاشية المصحف.
2 ـ جعل القراءات السبع أو العشر في حاشية المصحف.
3 ـ جعل التفسير في حاشية المصحف.
الثالثة: الحرص على جعل هذه العلوم بألوان مغايرة لرسم المصحف الذي يكون بالأسود.
الرابعة: حرص أبي أسامة على كتابة المصحف وكتابة العلم، ولم يشغله عن هذا ما كان فيه من جهاد الإفرنج، وكتاب أسامة هذا فيه ذكر لكرِّ وفرِّ والده في قتال الإفرنج الصليبيين.
وفي هذا لمحة تحت هذه السطور أهتبلها لأبين عن أمر مهم جدًا في حياة المسلمين العامة، وهي:
إن الله تعالى قد منَّ علينا ـ نحن المسلمين ـ بتنوع العبادات، وفي باب تنوع العبادات فقهٌ كثيرٌ يحتاج إلى بيان، لكني أكتفي بما يتعلق بهذا المقام، فأقول:
إن هذا العَلَمَ المغمورَ ـ أبا أسامة ـ قد كتب ما كتب، ومضى بها النسيان، فضاعت فيما ضاع من تراث المسلمين، لكنه يلقى جزاء صنيعه ـ رحمه الله ـ عند من لا يُضيعُ أجر المحسنين، وليس ذلك مقصودي، وإنما مقصودي أن هذا العَلَمَ ـ رحمه الله ـ لم يشغله الجهاد عن العِلْم، ولا العِلْم عن الجهاد، وهذا مثالٌ لمن أخذ من هذا التنوع في العبادات بحظٍ متعدد، غير أنه قد يقع من بعض العلماء الانشغال بالعِلْم عن الجهاد، ومنهم من ينشغل بالجهاد عن العِلْم، وفي كل خيرٌ، وإنما الشرَّ الذي قد يقع في مثل هذا أن يطعن الجهادي في العالم أو يطعن العالم في الجهادي، فيكون بينهم نفرة، مع أن الأولى أن يُكمِّل بعضهم بعضًا، وقس على هذا كل من سلك بابًا مكن أبواب هذا الدين وبرع فيه، فإنه إن كمُل في باب، فليس عليه أن ينتقد من لم يسر على خطاه، بل عليه أن يعرف أنه يكمُّل غيره، ويُكمِّله غيره.
الخامسة: بِرُّ أسامة بأبيه، حيث ذكر ما فعل أبوه من كتابة العلم، واستسمح القارئ ـ وهذا من أدبه واحترامه لقارئ كتابه ـ في هذا الاستطراد، فطلب لأبيه دعاء قارئ كتابه، فأقول: اللهم اغفر لنا ولأسامة ولأبيه، واجمعنا بهم في جنات النعيم، والحمد لله رب العالمين.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Jul 2007, 05:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل الكريم
الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
وأحسن إليك
ورحم الله أسامة بن منقذ، ووالده مرشدا
فقد كانا من الفرسان العلماء العاملين المجاهدين
وهو الذي يقول:
((لا يظنن ظان أن الموت يقدمه ركوب الخطر, أو يؤخره شدة الحذر, ففي بقائي أوضح معتبر,
فكم لاقيت الفرسان وقتلت الأسود وضربت بالسيوف وطعنت بالرماح وجرحت بالسهام ,
وأنا من الأجل في حصن حصين إلى أن بلغت تمام التسعين)).
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jul 2007, 07:19 م]ـ
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور مساعد الطيار على هذه الفوائد الجليلة ..
ومن فوائد هذا النقل أنهم كانوا يعدون فقه النص من علوم القرآن حيث قال: (وفقهه) ..
ولا شك أن ما يشتمل عليه النص من أحكام إن كان بمنطوقها فهو من مهمة المفسر والتفسير داخل في علوم القرآن، وإن كان بغيره فهو محل بحث عند المتأخرين ..
ـ[الجكني]ــــــــ[03 Jul 2007, 08:00 م]ـ
فهد بن مبارك بن عبد الله الوهبي
كلية المعلمين في المدينة المنورة ـ قسم الدراسات القرآنية"
أهلاً بك معنا أخي فهد الوهبي،فالكلية ازدانت وازدادت بكم.
¥