تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منهج الاستدلال بالإعجاز العلمي على النبوة]

ـ[سعود العريفي]ــــــــ[05 Aug 2007, 06:20 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المقصود بالإعجاز العلمي هو الموافقة الحاصلة بين المكتشفات العلمية التي لم تكن معلومة في زمن النبوة ولا قبله وبين القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة، فإن هذه الموافقة شاهدة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يك ينطق عن الهوى، وأنه مرسل من ربه، وهذه الشهادة تتحقق على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن التطور الهائل الذي جرى في العلوم التجريبية وما تضمنه من اكتشافات علمية عظيمة في مختلف التخصصات لم يتعارض أيٌ من الحقائق التي قررها مع أيٍّ من دلالات النصوص الصريحة في القرآن والسنة، رغم أنهما اشتملا على إشارات كثيرة إلى المخلوقات بأنواعها، ورغم أن المرحلة الزمنية التي ظهرت فيها النبوة كانت مليئة بالتصورات الخرافية للكون والحياة التي أبطلها العلم الحديث.

وهذا الوجه محل اتفاق بين المسلمين، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، وإنما يعترض عليه غير المسلمين من جهة تحميل بعض ظواهر القرآن والسنة ما ظنوه مصادما للعلم الحديث، مستغلين أخطاء بعض العلماء في فهم تلك النصوص.

الوجه الثاني: أن المنهج العلمي القرآني القائم على الاستدلال والنظر والتأمل والاعتبار وإعمال العقل ونبذ التعصب والتقليد الأعمى ومحاربة الخرافة والجهل هو نفس المنهج الذي أثمر هذه الثورة العلمية الهائلة، وإنما ولدت هذه الثورة لدى غير المسلمين بسبب إهمالهم لهذا المنهج في العصور المتأخرة، كما أن تأثير هذا المنهج على أوروبا كان له الفضل السابق في التمهيد لخروج هذه الثورة.

وهذا الوجه أيضا محل اتفاق بين الباحثين المنصفين، وإن كان غير متداول بين عامة المثقفين؛ لدقته وتعلقه بالناحية المنهجية التي يختص بها قلة من العلماء والباحثين.

الوجه الثالث: الموافقة التفصيلية بين المكتشفات العلمية الحديثة والنصوص القرآنية والنبوية، بأن تكون الآية أو الحديث مشيرا إلى حقيقة علمية جديدة بعينها.

وعلى هذا الوجه غلب إطلاق مصطلح "الإعجاز العلمي" حتى لا يكاد يتصور بدونه، وهو وجه مختلف فيه؛ لتلازمه مع تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية بتلك الحقائق العلمية المكتشفة، وهي مسألة ثار الخلاف فيها بين علماء المسلمين منذ ظهور تلك المكتشفات.

فرأى بعضهم ضرورة المبادرة إلى الربط بين هذه المكتشفات والنصوص القرآنية والنبوية، وأيدوا رأيهم هذا بالحجج التالية:

1 - أن القرآن والسنة اشتملا على إشارات كثيرة إلى خلق الإنسان والحيوان والكون وسائر المخلوقات، في عبارات عامة يمكن أن تشمل الحقائق العلمية المكتشفة.

2 - أن دلائل النبوة الأخرى مرتبط تأثيرها بزمنها، فالمعجزات الحسية لا تشاهد الآن، وإعجاز القرآن البياني لم يعد مستوعبا من أكثر المسلمين فضلا عن غيرهم، وإذا كانت المعجزات تتناسب مع روح العصر فعصرنا هذا عصر العلم التجريبي، فناسب أن تكون معجزته علمية.

3 - أن في هذا النهج إفحاما للملحدين بنفس الحجة التي ظنوها معارضة للدين.

4 - أن في هذا التوجه تأكيدا على أن الإسلام دين العلم والتقدم والمعرفة.

5 - أن في هذا حدا من افتتان شباب المسلمين بالثقافة الغربية المدلة بالمنهج العلمي.

6 - أن الله تعالى قد هدى بسبب الإعجاز المبني على التفسير العلمي فئاما من الناس إلى الإسلام، وزاد في يقين آخرين، والشيء يُعرف بأثره.

ورأى آخرون خطورة هذا التوجه على الدين نفسه، واعترضوا على الحجج السابقة بما يلي:

1 - أن القرآن لم ينزل لشرح العلوم التجريبية، وإنما هو كتاب هداية في العلوم الإلهية، فسياق الآيات التي تتحدث عن المخلوقات غرضه غير ما يقرره أصحاب التفسير العلمي، وهكذا السنة النبوية.

2 - أن في هذا اللون من التفسير تحميلا لسياق القرآن وألفاظه ما لا تحتمل، إلا من جهة التأويل المتكلف الذي لا تسيغه اللغة في الكلام الفصيح البليغ، فكيف بمعجز الفصحاء والبلغاء؟!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير