[أوصاف الوجوه يوم القيامة في القرآن الكريم]
ـ[محمد كالو]ــــــــ[15 Jul 2007, 11:54 م]ـ
[أوصاف الوجوه يوم القيامة في القرآن الكريم]
ذكر الله تعالى وجوه الأشقياء ووجوه السعداء يوم القيامة فقال سبحانه تعالى:
1 ـ ?وجوه يومئذٍ ناضرة * إلى ربها ناظرة ? (القيامة: 22 ـ 23)
?وجوه يومئذٍ ناضرة? أي وجوه صافية تبدي حسن تقويم ربها الذي خلقه عليها، لأن يوم القيامة سيظهر الإنسان على الشكل الذي خلقه الله عز وجل عليه في الأصل عندما قال: ?لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم?.
فـ (النضارة) هي الصفاء المعبّرة عن أحسن تقويم التي خلق عليه الإنسان أصلاً، قال الله تعالى: ?تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم?.
?إلى ربها ناظرة? أي أن الله عز وجل هيأ هذه الوجوه وجعلها صافية لمهمة، فمثلاً عندما أقول لولدي: اغسل وجهك، لأنك ستخرج لترى فلان صاحب المستوى الكبير، فيوم القيامة الله عز وجل يهيئ وجه الإنسان المؤمن من أجل أن ينظر إليه، ليكون على مستوى المنظور إلى الله عز وجل.
?وجوه يومئذٍ ناضرة? صافية لأنها ?إلى ربها ناظرة? أي تتهيأ من أجل أن تنظر إلى ربها عز وجل.
وقد ورد في الحديث الذي يرويه البخاري: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنكم سترون ربكم عياناً) أي بالعين.
وورد حديث آخر يرويه الشيخان: (أن أناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارّون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم سترون ربكم كذلك).
لكن على الرغم من هذه الأحاديث هناك بعض العلماء يقولون: ?إلى ربها ناظرة? ليس المراد من الآية النظر، وإنما النظر هنا بمعنى الانتظار، وهذا التفسير غير مقبول في اللغة؛ لأن الفرق شاسع بين النظر بمعنى الانتظار وبين النظر بمعنى المعاينة بالعين؛ وذلك أن النظر حينما يأتي بمعنى الانتظار فإن الفعل يتعدى بنفسه، ومنه
قوله تعالى: ? انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم ? قال الزجاج: قيل معنى أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا ... وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
ولكن حينما أعني بالنظر المعاينة باللعين والبصر فإن الفعل يتعدى بحرف إلى فأقول لك: نظرت إليك. أي عاينتك بعيني، قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله: ?إلى ربها ناظرة? يعني منتظرة فقد أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ ِلْوِرْدِ ... طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي.
2 ـ?ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة ? (القيامة: 24 ـ 25).
?ووجوه يومئذ باسرة ? أي وجوه هؤلاء مقطبة كالحة مضطربة قلقة.
قال في لسان العرب: وبَسَرَ يَبْسُرُ بَسْراً وبُسُوراً: عَبَسَ. وَوَجْهٌ بَسْرٌ: باسِرٌ، وُصِفَ بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: ?ووجوه يومئذ باسرة ?؛ وفيه: ?ثم عَبَسَ وَبَسَرَ ?؛ قال أَبو إِسحق: بَسَرَ أَي نظر بكراهة شديدة. وقوله: ?ووجوه يومئذ باسرة ? أَي مُقَطِّبَةٌ قد أَيقنت أَن العذاب نازل بها. وبَسَرَ الرجلُ وَجْهَه بُسُوراً أَي كَلَحَ. وفي حديث سعد قال: لما أَسلمتُ رَاغَمَتْني أُمِّي فكانت تلقاني مَرَّةً بالبِشْرِ ومَرَّةً بالبَسْرِ؛ البِشْرُ، بالمعجمة: الطلاقة؛ والبَسْرُ، بالمهملة: القُطُوبُ؛ بَسَرَ وَجْهَهُ يَبْسُرُه. اهـ
عندما ينتظر الإنسان مصيره ومستقبله أو أمراً بالنسبة له خطير جداً؛ سيكون وجهه قلقاً مضطرباً.
لذلك عندما يُقبض على مجرم، ويقاد إلى العدالة سيكون وجهه باسراً مقطباً قلقاً مضطرباً كالحاً، لأنه سيلقى العذاب والعقوبة، وقد فعل ما يستأهل هذه العقوبة.
لماذا وجوه هؤلاء باسرة؟ جاء الجواب الإلهي: ?تظن أن يفعل بها فاقرة? أي تنتظر داهية ستنزل عليها.
?تظن? أي تعتقد. فإن قيل: لماذا عبّر الله عز وجل عن كلمة (تعتقد) بـ ?تظن?؟
قلت: لأنها تريد أن تدفع هذا الاعتقاد، فهي لا تريد، ولكن سيُفعل بها، قال في لسان العرب: قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: ?تظن أن يفعل بها فاقرة?؛ المعنى توقن أَن يُفْعَلَ بها داهية من العذاب. اهـ
هم في الحقيقة يعتقدون ولكن حالهم كحال المجرم، يريد أن يدفع هذا الاعتقاد بالشك والظن، ولكن لا سبيل له.
¥