[من أدب الدعوة في القرآن الكريم]
ـ[إبراهيم الزهراني]ــــــــ[31 Jul 2007, 12:19 ص]ـ
إن الأدب غلاف جميل للحقائق التي يقدمها للناس الداعون إلى الله عز وجل, وأدب الدعوة في القرآن الكريم هو الأدب المتزن الذي يمثل الاعتدال والتوسط بين طرفي نقيض: جفاء الدعوة في تقديم الحقائق, والطرف الآخر تقديم الحقائق مائعة بأسلوب رخيص بدعوى العصرنة والتسامح المبالغ فيه, فالداعية إن قدم للناس الحقائق مجردة من الآداب جافة, يقدمها كأنها حجر صلد يقذف به في وجوه الناس فإنها لا تحظى لديهم بالقبول, وصار الداعية منفراً لا مبشراً, وإن قدمها مائعة رخيصة أضرَّ بها وأضعف من شأنها, لذا كان من الواجب علينا أن نتفرس ملامح أدب الدعوة في القرآن الكريم ونتأدب به, كيف لا وهو أدب سماوي تلقَّاه النبي صلى الله عليه وسلم من ربه عز وجل.
ولنأخذ مثلاً قول الله سبحانه: {قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} 24 سبأ, أُمِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يقول للقوم المشركين الذين يدعوهم إلى الله عز وجل: لا بد أن يكون أحدنا على هدى, والآخر في ضلال, ليس في ضلال فحسب, بل في ضلال مبين. والنبي عليه الصلاة والسلام على يقين أنه هو المهتدى, وأن هؤلاء القوم هم الضالون, وهذا منه صلى الله عليه وسلم إنصاف في الحجة وتنازل للخصم وإيناس لنفوسهم حتى يستدرجهم إلى الهدى لأنه إنما بُعِثَ رحمة يبتغي من الناس أن يثوبوا إلى رشدهم ويرجعوا إلى ربهم, والله أعلم, وهو الموفق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2007, 04:24 م]ـ
بارك الله فيكم أخي العزيز إبراهيم. وهذا الموضوع من الموضوعات الطريفة التي يحسن بك متابعة إفادتنا بها آيةً آيةً على حلقات متسلسلة، وسأشاركك في هذه اللفتة.
في قوله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام وهارون عليه الصلاة والسلام: {فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) فائدة في أسلوب وهي أن القول اللين هو الأصل في الدعوة إلى الله، وأنه هو الطريق الأوسع للقبول والاستجابة والتذكر والخشية. مع علم الله سبحانه وتعالى أن هذا لا ينفع مع فرعون لما كتب الله عليه من الموت على الكفر، فدل هذا على أن هذا هو المنهج الصحيح في الدعوة لأن من دون فرعون أولى بهذا.
وفي القرآن آيات كثيرة مليئة بالفوائد في هذا الجانب وفقكم الله لعرضها في هذه المشاركة.