تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأنسنة والعقلنة والأرخنة ... أفكار عفنة]

ـ[محمد كالو]ــــــــ[16 Aug 2007, 01:09 ص]ـ

[الأنسنة والعقلنة والأرخنة ... أفكار عفنة]

منذ أن جاء الإسلام وبزغت شمسه في ربوع العالمين، وأعداؤه يحاربونه ويحاصرونه ويكيدون له، ويتربصون به الدوائر، فقد هالهم ما جاء به الإسلام من تعاليم قيمة، وما أرسى من مبادئ سامية، مما سارع في انتشاره وعلو سلطانه، وإقبال الناس عليه، وقوة تمسكهم به، فجن جنون خصومه، فتواطئوا على حربه بكل ما يستطيعون، فما زادتهم محاربته إلا خساراً، ولا الإسلام إلا انتصاراً، فتحيروا في أمرهم، وغلت بالحقد قلوبهم، وهاجت بالحسد نفوسهم، فأمعنوا في ذلك النظر، وقلبوا في وجوه حربه الفكر، فخرجوا إلينا بـ (القراءات الجديدة أو المعاصرة للقرآن الكريم) التي تتدثر بمناهج لسانية وتاريخية.

وتعني القراءة الجديدة: استخدام النظريات الحديثة في تأويل القرآن الكريم.

أدّت هذه القراءات الجديدة إلى تحريف المعاني القرآنية، وتناقضها مع الحقائق الشرعية، وتعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية، ومرد ذلك هو عدم احترامها لخصوصيات القرآن الكريم، ومعاملته كسائر النصوص البشرية.

ظلت هذه القراءات ردحاً من الزمن تمثل ظاهرة فردية فقد كتب محمد توفيق صدقي مقالاً بعنوان (الإسلام هو القرآن وحده) ونشر في مجلة المنار، العدد 9 عام 1906م، وذهب فيه مذهباً تأويلياً، فأعجب بذلك عبد المجيد الشرفي فكان هذا المقال إرهاصاً للقراءات الجديدة، إلا أنه منذ سنوات أصبحت هذه الظاهرة جماعية، ينتمي إليها أفراد من مختلف الأقطار العربية والإسلامية، تجمعهم أفكار متقاربة متطابقة، ويوحدهم أو يكاد منهج مشترك، ويمكن تصنيفهم في نحلة واحدة.

واستعمل أصحاب القراءات الجديدة مصطلحات غير المصطلحات الشرعية؛ فبدل نزول القرآن استعملوا (الواقعة القرآنية)، وبدل القرآن (المدونة الكبرى)، وبدل الآية (العبارة).

وتعمد أصحابها الاستشهاد بالقرآن والنص البشري معاً بدون أدنى تمييز بينهما، مع الدعوة إلى (أنسنة وعقلنة) النص القرآني، واعتبروا أن كل ما يعارض العقل شواهد تاريخية، وربطوا الآيات بالظروف الزمنية، ليصلوا في نهاية المطاف إلى أن القرآن الكريم نص تاريخي.

إن القراءات الجديدة للقرآن الكريم ما هي إلا امتداد للدراسات الاستشراقية التي يمثلها (نولدكه) في دراسته عن تاريخ القرآن الكريم؛ حيث انتهى إلى أن نبوة محمد ? ما هي إلا امتداد لنبوات العهد القديم، وأن القرآن الكريم مأخوذ عن المأثورات اليهودية والمسيحية.

وتطورت هذه الدراسات حول القرآن الكريم في الستينيات من القرن العشرين، على أيدي التفكيكيين كـ (جون واسنبرو) و (كوك) و (كرون) وغيرهم.

وعن هؤلاء المستشرقين أخذ أصحاب القراءات الجديدة للقرآن الكريم، أمثال محمد أركون العلماني أصيل الجزائر، الذي كتب معبراً عن مرجعيته الأساسية:

ويرى المستشرقون المتخصصون بفقه اللغة أن كلمة "قرآن" ذات أصل سرياني أو عبري.

ففي نظره لا يوجد شيء خارج النص الاستشراقي؛ إذ المستشرقون - وحدهم - المؤتمنون على قراءة الشرع الإسلامي وتوثيقه أصالة عن أنفسهم، ونيابة عن المسلمين!!

وهو لا يخفي رغبته بأنسنة النص، وإحالته إلى التاريخ، وينظر إلى النص على أنه من إنتاج محمد صلى الله عليه وسلم، حسب كلامه فإنه يريد "أرخنة الخطاب القرآني ذاته".

ومنهم جلال صادق العظم: (1934 م ـ ..... ) معاصر شيوعي سوري من أصل تركي، اعتنق الفكر الشيوعي وجهر بإلحاده في كتابه الموسوم (نقد الفكر الديني) 1969 م، خلاصته أن الإسلام يناقض العلم الحديث!

ومما يثير العجب أنه رغم إلحاده عقد فصلاً خاصاً فيه يدافع عن إبليس سماه " مأساة إبليس "، ردَّ عليه كثير من العلماء، وله: (ما بعد ذهنية التحريم) الذي دافع فيه عن سلمان رشدي.

ومنهم نصر حامد أبو زيد المصري الهارب، و أسوأ ما كتبه (نقد الخطاب الديني)، أعاد طبعه عام 1995م مع مقدمة طويلة جداً كلها إصرار على خطاياه، حاول إلصاق النص بالتاريخ لتسويغ التخلي عنه.

ومنهم محمد شحرور السوري الذي يقف على خلفية فلسفية ماركسية، فخرج علينا بكتابه المهلهل: الكتاب والقرآن ـ قراءة معاصرة 1990م.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير