5 - ما أخرجه البخاري رقم: [4496] عن عاصم بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك ? عن الصفا والمروة؟ فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله تعالى: ? إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ?.
ـ[محمد الطاسان]ــــــــ[08 Aug 2007, 07:31 م]ـ
وأما الفتوى التي وقفت عليها فهي لجلال الدين السيوطي ضمن كتابه الحاوي في الفتاوي: (1/ 297 - 298) وهي لا تتجاوز الورقة ونصف، ووضع لها العنوان التالي: " القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة " وقد أعانني الله على تحقيقها والعناية بها وتخريج أحاديثها، وهذا هو نصها مجردة من التعليق والتخريج.
(القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة)
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقع السؤال عما يقع من الناس كثيراً إذا أرادوا إيراد آية قالوا: قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويذكرون الآية، هل (بعد) هذه جائزة قبل الاستعاذة أم لا؟ وهل أصاب في ذلك أو أخطأ؟
فأقول: الذي ظهر لي من حيث النقل، والاستدلال أن الصواب أن يقول: قال الله تعالى ويذكر الآية، ولا يذكر الاستعاذة، فهذا هو الثابت في الأحاديث والآثار من فعل النبي – ? – والصحابة، والتابعين فمن بعدهم.
1 / أخرج أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، عن أنس – ? – قال: قال أبو طلحة: " يا رسول الله! إن الله يقول: ? َلن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ? وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء ... )) الحديث.
2 / وأخرج عبد بن حميد، والبزار عن حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال عبد الله بن عمر - ? -: " حضرتني هذه الآية: ? لن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ? فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد أحب إلي من جارية لي رومية فأعتقتها ".
3 / وأخرج ابن المنذر عن نافع قال: " كان ابن عمر- ? - يشتري السكر فيتصدق به فيقول له لو اشتريت لهم بثمنه طعاماً ما كان أنفع لهم؟
فيقول إني أعرف الذي تقولون، ولكني سمعت الله يقول: ? لن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ? وإن ابن عمر يحب السكر ".
4 / وأخرج الترمذي عن عليٍ - ? - قال: قال رسول الله - ? -:
من ملك زاداً، أو راحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره مات يهودياً، أو نصرانياً، وذلك بأن الله قال: ? وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ?.
5 / وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رفع الحديث إلى النبي - ? - إن الله قضى على نفسه أنه من آمن به هداه، ومن وثق به أنجاه، قال الربيع: وتصديق ذلك في كتاب الله: ? وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ?.
6 / وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك ابن الوليد أنه سأل ابن عباس- ? - ما تقول في سلطان علينا يظلموننا ويعتدون علينا في صدقاتنا، أفلا نمنعهم؟
قال: لا، الجماعة الجماعة، إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها، أما سمعت قول الله: ? وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ?.
7 / وأخرج أبو يعلى عن أنس – ? –، عن النبي – ? – قال: ((لا تستضيئوا بنار المشركين))، قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله: ? يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ ?.
8 / وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمرو - رضي الله عنهما – أن النبي - ? - قال في الجمعة: ((هي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك لأن الله يقول: ? مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ?.
والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصر فالصواب الاقتصار على إيراد الآية من غير استعاذة اتباعاً للوارد في ذلك فإن الباب باب
(اتباع)، والاستعاذة المأمور بها في قوله تعالى: ? فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ .. ? إنما هي عند قراءة القرآن للتلاوة، أما إيراد آية ما منه للاحتجاج، والاستدلال على حكم فلا.
وأيضاً فإن قوله: (قال الله تعالى بعد أعوذ بالله) تركيب لا معنى له، وليس فيه متعلق للظرف وإن قدر تعليقه بقال ففيه الفساد الآتي، وإن قال: (قال الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وذكر الآية ففيه من الفساد جعل الاستعاذة مقولاً لله وليست من قوله، وإن قدم الاستعاذة ثم عقبها بقوله: قال الله وذكر الآية فهو أنسب من الصورتين غير أنه خلاف الوارد، وخلاف المعهود من وصل آخر الاستعاذة بأول المقروء من غير تخلل فاصل، ولا شك أن الفرق بين قراءة القرآن للتلاوة وبين إيراد آية منه للاحتجاج جليٌ واضح. والله أعلم.
أ. هـ كلام السيوطي.
وهذا تلخيص أحوال من يذكر الاستعاذة عند الاستشهاد بآية من كتاب الله:
لا يخلو من أراد أن يذكر الاستعاذة قبل الاستشهاد بآية من كتاب الله في حديث، أو موعظة، أو خطبة من ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يقول هكذا: قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
الحالة الثانية: أن يقول هكذا: قال الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
الحالة الثالثة: أن يقول هكذا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يذكر الآية.
وهذه الحالات بعضها أسوأ من بعض كما نبه على هذا السيوطي في الرسالة السابقة.
¥