تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقوله تعالى نحن نقص عليك أحسن القصص يتناول كل ما قصه فى كتابه فهو أحسن مما لم يقصه ليس المراد أن قصة يوسف أحسن ما قص في القرآن وأين ما جرى ليوسف مما جرى لموسى ونوح وإبراهيم وغيرهم من الرسل وأين ما عودى أولئك مما عودى فيه يوسف وأين فضل أولئك عند الله وعلو درجتهم من يوسف صلوات الله عليهم أجمعين وأين نصر أولئك من نصر يوسف فإن يوسف كما قال الله تعالى وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين و أذل الله الذين ظلموه ثم تابوا فكان فيها من العبرة أن المظلوم المحسود إذا صبر و إتقى الله كانت له العاقبة و أن الظالم الحاسد قد يتوب الله عليه و يعفو عنه و أن المظلوم ينبغي له العفو عن ظالمه إذا قدر عليه.

وبهذا إعتبر النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لما قام على باب الكعبة وقد أذل الله له الذين عادوه وحاربوه من الطلقاء فقال ماذا أنتم قائلون فقالوا نقول أخ كريم وإبن عم كريم فقال إني قائل لكم كما قال يوسف لأخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين و كذلك عائشة لما ظلمت وافتري عليها وقيل لها إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فقالت في كلامها أقول كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ففي قصة يوسف أنواع من العبرة للمظلوم والمحسود والمبتلى بدواعى الفواحش و الذنوب وغير ذلك

لكن أين قصة نوح وإبراهيم وموسى والمسيح ونحوهم ممن كانت قصته أنه دعا الخلق إلى عبادة الله و حده لا شريك له فكذبوه وآذوه وآذوا من آمن به فإن هؤلاء أوذوا إختيارا منهم لعبادة الله فعودوا وأوذوا فى محبة الله وعبادته بإختيارهم فإنهم لولا إيمانهم ودعوتهم الخلق إلى عبادة الله لما أوذوا وهذا بخلاف من أوذي بغير إختياره كما أخذ يوسف من أبيه بغير إختياره ولهذا كانت محنة يوسف بالنسوة وإمرأة العزيز وإختياره السجن على معصية الله أعظم من إيمانه ودرجته عند الله و أجره من صبره على ظلم إخوته له ولهذا يعظم يوسف بهذا أعظم مما يعظم بذلك ولهذا قال تعالى فيه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) مجموع الفتاوى الجزء17 من صفحة 19 إلى صفحة 24

ثم قال -عليه رحمة الله- بعد بسط وترجيح لإعراب لفظ أحسن عند اللغويين في صفحة 39:

(والمقصود هنا أن قوله تعالى نحن نقص عليك أحسن لقصص المراد الكلام الذي هو أحسن القصص وهو عام في كل ما قصه الله لم يخص به سورة يوسف و لهذا قال بما أوحينا إليك هذ القرآن و لم يقل بما أوحينا إليك هذه السورة والآثار المأثورة فى ذلك عن السلف تدل كلها على ذلك وعلى أنهم كانوا يعتقدون أن القرآن أفضل من سائر الكتب وهو المراد والمراد من هذا حاصل على كل تقدير فسواء كان أحسن القصص مصدر أو مفعولا أو جامعا للأمرين فهو يدل على أن القرآن وما في القرآن من القصص أحسن من غيره فإنا قد ذكرنا أنهما متلازمان فأيهما كان أحسن كان الآخر أحسن فتبين أن قوله تعالى أحسن القصص كقوله الله نزل أحسن الحديث والاثار السلفية تدل على ذلك

والسلف كانوا مقرين بأن القرآن أحسن الحديث و أحسن القصص كما أنه المهيمن على ما بين يديه من كتب السماء)

ـ[محب القراءات]ــــــــ[18 Aug 2007, 05:56 م]ـ

جزى الله خيرا الأخ محمود على هذا النقل القيم لكلام شيخ الاسلام

ـ[شعلة2]ــــــــ[19 Aug 2007, 12:56 ص]ـ

جزاكم الله خيرا شيخنا/ محمود، وزادكم علما وفهما، وبارك الله فيكم وفي ذريتكم ...... آمين آمين بالتخفيف والتثقيل والمد والقصر

ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[19 Aug 2007, 01:35 ص]ـ

إجابة شافية لا حرمك الله الأجر ياشيخ محمود ....

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير