تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومنه أيضاً قوله تعالى:] أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ [[الأنعام: 6].

فدل التحول عن تعدي الفعل بنفسه (مكنَّاهم) إلى تعديه بالحرف (ما لم نمكن لكم) على المفارقة بين التمكينين، فتمكين الله للأمم السابقة كان أقوى وأشد من تمكين المتأخرين، فوافق المقال مقتضى الحال، إذ عدَّى فعل التمكين في الأولين بنفسه، وتعدي الفعل بنفسه أقوى من تعديه بحرف. في حين عدَّى فعل التمكين في المتأخرين بالحرف فقال: (ما لم نمكن لكم)، ولم يقل: (ما لم نمكنكم).

فكانت المخالفة بين البنية السطحية والعميقة على النحو التالي:

البنية السطحية: مكنَّاهم نمكن لكم

البنية العميقة ([7]): مكنَّاهم مكنَّاكم

فتحول عن البنية العميقة إلى البنية السطحية ليرسخ دلالة المفارقة بين التمكينين حالاً ومقالاً كما سبق ذكره.

وقد كان في دلالة التركيب نفسه ما يدل على المفارقة في التمكينين وهو قوله: (ما لم نمكن لكم)، فأداة النفي (لم) تشير إلى تلك المفارقة، لكن السياق أمعن في ترسيخ دلالة المفارقة، ليس على مستوى التركيب فحسب بل على مستوى دلالة السياق كله، وذلك بإبراز المخالفة، وعدم الاطراد في السياق؛ ليشد ذهن المتلقي إلى تأمل ذلك، وفي التأمل مزيد تأكيد وترسيخ للدلالة.

ونظير ذلك في المفارقة بين التمكينين وتعدي الفعل بنفسه وتعديه بحرف،

ما ورد في قوله تعالى في وصف ذي القرنين:] إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً [[الكهف: 84]. فتعدى الفعل هنا بالحرف، فلم يقل: (إنا مكناه في الأرض). لكن ذا القرنين عندما تحدَّث عن نعمة ربه عليه:] قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ [[الكهف: 95]، ولم يقل: ما مكن لي فيه ربي. وذلك لأن: "الفعل (مكَّن) في الجملة الأولى ضعيف، فلم يتمكن من التعدية إلى المفعول به بنفسه؛ لذلك استعان بحرف الجر "اللام" ليوصله إليه، فتعدَّى إليه بواسطتها، وسبب ضعف الفعل في الجملة الأولى، أنه ورد في بداية إيراد قصة ذي القرنين، وتحدَّث عن بداية أمره، ومعروف أن الأمر عند بدايته يكون أضعف منه عند نهايته، ولذا احتاج إلى اللام لتعديه إلى المفعول به.

أما في الجملة الثانية: "ما مكَّنِّي فيه ربي خير"، فإن فعل (مكَّن) قوي، لذلك تعدَّى إلى المفعول به بنفسه، ونصبه مباشرة، والسياق هو الذي منحه القوة، فهو -أولاً: يتحدث عن ذي القرنين بعدما ظهر وتمكن وسيطر وانتصر، وهو ثانياً: ورد في سياق قوة ذي القرنين في بناء السد عند أولئك القوم" ([8]).

ومنه قوله تعالى:] يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [[الفجر: 27 - 30].

فتحول إلى تعدية الفعل (ادخلي) بنفسه فقال: (وادخلي جنتي)، بعد تعديته بحرف (في)،

([1]) أسلوب الالتفات في البلاغة القرآنية، 192.

([2]) الكشاف، 2/ 503.

([3]) الحديث أخرجه البخاري عن أبي بكر -رضي الله عنه- برقم (3508) و (3810)، ومسلم برقم (1758)، وأخرجه البخاري أيضاً عن عائشة برقم (6346) ومسلم برقم (1758)، وأخرجه أيضاً عن أبي هريرة برقم (1761).

([4]) لسان العرب، مادة (ورث).

([5]) الكشاف، 2/ 503.

([6]) السابق، 2/ 502.

([7]) أي: التي يقتضيها اطراد السياق والمشاكلة.

([8]) مع قصص السابقين في القرآن، صلاح الخالدي، 2/ 320 - 321.


[/ size][/size][/size][/size][/size][/font]

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[24 Aug 2007, 12:05 م]ـ
قد يرث رجل صفة فى الجد وليست ظاهرة فى الأب فهى يقينا وصلته عن طريق أباه سواءا كانت فى أباه أم لا ,فهل يقال مثلا ان جده كان طويلا وهو طويل فهو ورث جده فى الطول أم يقال ورث من جده الطول ,وهذا ما أراه ينطبق على " يرثنى ويرث من آل يعقوب." والله أعلم
ولذلك علم آل يعقوب لم يكن موجودا الا عند زكريا وسيرثه من يرثه عن طريقه فقط. حيث سيرث ما يخص دعوة زكريا "يرثنى ... "وعلم آل يعقوب عن طريقه "ويرث من آل يعقوب"
أما الباقون الموالى فلا علم عندهم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير