تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القلوب ثبت قلبي على دينك فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء قال هذا حديث حسن وروى حماد عن أيوب وهشام ويعلي بن زياد عن الحسن قال قالت عائشة رضي الله تعالى عنها دعوة كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يدعو بها يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقلت يا رسول الله دعوة كثيرا ما تدعو بها قال إنه ليس من عبد إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فإذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه وقوله ونذرهم في طغيانهم يعمهون قال ابن عباس أخذلهم وأدعهم في ضلالهم يتمادون

فصل وأما إزاغة القلوب فقال تعالى فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم وقال عن عباده المؤمنين أنهم سألوه ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وأصل الزيغ الميل ومنه زاغت الشمس إذا مالت فأزاغه القلب إمالته وزيغه ميله عن الهدى إلى الضلال والزيغ يوصف به القلب والبصر كما قال تعالى وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وقال قتادة ومقاتل شخصت فرقا وهذا تقريب للمعنى فإن الشخوص غير الزيغ وهو أن يفتح عينيه ينظر إلى الشيء فلا يطرق ومنه شخص بصر الميت ولما مالت الأبصار عن كل شيء فلم تنظر إلا إلى هؤلاء الذين أقبلوا إليهم من كل جانب اشتغلت عن النظر إلى شيء آخر فمالت عنه وشخصت بالنظر إلى الأحزاب وقال الكلبي مالت أبصارهم إلا من النظر إليهم وقال الفراء زاغت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوها متحيرة تنظر إليه قلت القلب إذا امتلأ رعبا شغله ذلك عن ملاحظة ما سوى المخوف فزاغ البصر عن الوقوع عليه وهو مقابلة

فصل وأما الخذلان فقال تعالى إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وأصل الخذلان الترك والتخلية ويقال للبقرة والشاة إذا تخلفت مع ولدها في المرعى وتركت صواحباتها خذول قال محمد بن إسحاق في هذه الآية إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ولن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن ينصرك الناس أي لا تترك أمري للناس وارفض الناس لأمري والخذلان أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها والتوفيق ضده أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها بل يصنع له ويلطف به ويعينه ويدفع عنه ويكلأه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه فمن خلى بينه وبين نفسه هلك كل الهلاك ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه و سلم يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس فإن تولاه الله لم ظفر به عدوه وإن خذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة فإن قيل فما ذنب الشاة إذا خلى الراعي بين الذئب وبينها وهل يمكنها أن تقوى على الذئب وتنجو منه قيل لعمر الله إن الشيطان ذئب الإنسان كما قاله الصادق المصدوق ولكن لم يجعل الله لهذا الذئب اللعين على هذه الشاة سلطانا مع ضعفها فإذا أعطت بيدها وسالمت الذئب ودعاها فلبت دعوته وأجابت أمره ولم تتخلف بل أقبلت نحوه سريعة مطيعة وفارقت حمى الراعي الذي ليس للذئاب عليه سبيل ودخلت في محل الذئاب الذي من دخله كان صيدا لهم فهل الذئب كل الذئب إلا الشاة فكيف والراعي يحذرها ويخوفها وينذرها وقد رآها مصارع الشاة التي انفردت عن الراعي ودخلت وادي

(1/ 100)


الذئاب قال أحمد بن مروان المالكي في كتاب المجالسة سمعت ابن أبي الدنيا يقول أن لله سبحانه من العلوم ما لا يحصى يعطي كل واحد من ذلك ما لا يعطي غيره لقد حدثنا أبو عبد الله أحمد بن حمد بن سعيد القطان ثنا عبيد الله بن بكر السهمي عن أبيه أن قوما كانوا في سفر فكان فهم رجل يمر بالطائر فيقول أتدرون ما تقول هؤلاء فيقولون لا فيقول تقول كذا وكذا فيحيلنا على شيء لا ندري أصادق فيه هو أم كاذب إلى أن مروا على غنم وفيها شاة قد تخلفت على سخلة لها فجعلت تحنو عنقها إليها وتثغو فقال أتدرون ما تقول هذه الشاة قلنا لا قال تقول للسخلة إلحقي لا يأكلك الذئب كما أكل أخاك عام أول في هذا المكان قال فانتهينا إلى الراعي فقلنا له ولدت هذه الشاة قبل عامك هذا قال نعم ولدت سخلة عام أول فأكلها
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير