:الأول:ان لا يكون يعلم القطعية: وبهذا يعذر لذلك فإن ثبتت القطعية وأصر على قوله كان كالصنف الثاني.
الثاني: أن يعلم قطعية النص ويخالفه , وبذلك يحكم على كفر من خالفه , وحاد حكم الشرع , لأنه بذلك كذب الله ورسوله.
ومن الصنف الأول من لم يعلم حرمة لحم الخنزير وهو حديث عهدا بالإسلام والله عز وجل قال:"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ" [المائدة/3]
ومن الصنف الثاني كل من كذب نصا قطعيا (قطعي الثبوت قطعي الدلالة) لا ينازع في ذلك أحد من المسلمين."قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) "فيكفر من يجعل لله ندا أو ولدا أو والدا أو شريكا.وكذا من جحد وجود قوم قد ذكرهم الله تعالى كقوله عز وجل"كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ" [الشعراء/141] فمن كذب وجود قوم هم "ثمود" أو جحد أنهم كذبوا المرسلين وقع في التكذيب للقران.
فمن هنا يكون مخالفة هذا الأمر كفرا بواحا , لأنه لا يستساغ فيه خلاف , ومرد تكفير من يخالف القطعي هو تكذيبه لله ورسوله , فهو علم ثبوت القول وثبوت دلالة القول ثم أعرض عنه وزعم خطأ وكذب قائله.
أما عند كون المخالف قد خالف في ظني فلا يخلو المخالف من حالين:
الأول: مكذب خبر الآحاد الصحيح: ويحكم بفسق كل من خالف خبرا صحيحا لا ينازع في صحته , وليس الأمر كذلك لمن ضعف الحديث بعلم. وإنما يفسق كل من جعل هواه حاكما على الضعف.وهذا الأمر متعلق بالسنة دون القران ,لأن القران كله قطعي الثبوت.
الثاني:المخالف في ظنية الدلالة: ويكون المخالف هنا محكوما بخطئه إن دلت القرائن على ذلك ويجزم بذلك.
أما إذا كان الخلاف بسبب الإجتهاد فيما لم يذكر سابقا فلا سبيل على الجزم بتخطئته, مثال ذلك:وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة/228] فهل القرء حيضة أم طهر؟
ملاحظة: يستخدم الكثير ممن تعصب لقوله قطعي وهو لا يدرك معنى القطعي , ولذلك أحب أن أضع شرطي القطعية التي إتفق عليها الاصوليون:
قطعية الثبوت: وسبيل ذلك في أن يصل اليقين في نسبة القول وسبيل ذلك التواتر , وحف خبر الآحاد بالقرائن.
قطعية الدلالة:وهو عدم صرف المعنى إلا لوجه واحد , إما مباشرة كقوله تعالى "لم يلد ولم يولد" بأن الله ليس له ولد ولا والد , أو أن يكون الشرع قد صرف معنا من المعاني وأوجب غيره.ومثال ذلك "قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى" [طه/52] فالنسيان بمعنى فقد العلم لا يجوز نسبته للخالق عز وجل. فالله عز وجل يعلم كل شيء ولا يغيب عنه ولا يضيع من علمه شيء, النسيان بمعنى الترك مثل قوله تعالى:"قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى" [طه/126] فهو ترك العمل فترك في النار والنسيان بمعنى الترك وجه من وجوه لغة العرب, مع أن أصل الكلمة ظنية الدلالة إلا أن النص صرف باقي المعان.
ولذلك يا أخي ابا فهر:فقول الشافعي تتعلق بظني الدلالة أو ما لم يرد فيه نص صحيح فيستساغ عند العمل بباقي طرق الفقه من استحسان أو مصلحة مرسلة أو قياس ولا تعلق بوجود خبر آحاد صحيح ,فهو لا يقول بالإستحسان ولا المصلحة المرسلة والظاهرية لا يقولون بالقياس أصلا , ولكن مرد ذلك كله للإجتهاد.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Jul 2010, 09:44 ص]ـ
بارك الله فيك ..
فيما تفضلتَ بتقريره خطأ وحيدة عن محل البحث ..
وسأنجم لك نقده لأني ربما لا أفرغ لنقده دفعة واحدة ..
(1)
¥