تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ size=4] ثم وبالاستفادة من قولك الكريم:" فإذا وقع خلاف في تخصيص مدلول اللفظ في اللغة على غير سبيل التمثيل فإن كان التفسير المرفوع حقيقة أو حكماً صحيحاً وجب المصير إليه ولا تحل مخالفته حتى لو قدر وجود أقوال أخرى في المسألة".

ولا شيئ من ذلك حصل، فكل الأقوال الأخرى لا تعدو كونها أقوال صحابة أو ما دونهم، ولاحجة في ذلك، ولم يرد حديث صحيح يحتكم إليه، سوى الحديث المرفوع الذي جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الفلق: جب في جهنم مغطى " وقد بين ابن كثير نكارته وأن إسناده غريب، ولا يصح رفعه.

ويقابله ما رواه الإمام السيوطي في الدر المنثور، ما أخرجه ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:" .. ثم قلبت الصخرة إذا كدية فيها صخرة فيها تمثال فيها إحدى عشرة عقدة، فأنزل الله يا محمد {قل أعوذ برب الفلق} الصبح فانحلت عقدة .. ".

أما ما ذكرته من جميل قولك:" ثم في تطبيقه للقاعدة غرابة، فما الذي يخصص فلق الصبح دون غيره؟! "

فقد أشار إليه الإمام الشوكاني في قوله": وقد قيل في وجه تخصيص الفلق: الإيماء إلى أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كلّ هذا العالم يقدر أيضاً أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه، ويخشاه .. ".

كما ذكر الخازن في ذلك قوله:" ... وقيل إن تخصيص الصبح بالذكر في هذا الموضع لأنه وقت دعاء المضطرين، وإجابة الملهوفين، فكأنه يقول قل أعوذ برب الوقت، الذي يفرج فيه هم المهمومين والمغمومين".

ولما كان التخصيص بالصبح هو الأظهر عند أكثرية المفسرين فإن ابن عاشور رجحه، بل لم يطمئن إلى غيره، فلم يذكر سواه في تفسيره، فقال موجزا:"والمعنى: أعوذ بفالق الصبح مَنجاةً من شرور الليل، فإنه قادر على أن ينجيني في الليل من الشر كما أنجى أهل الأرض كلهم بأن خلق لهم الصبح، فوُصفَ الله بالصفة التي فيها تمهيدٌ للإِجابة".

وسواء كان التخصيص مقبولا أم لا، يبقى المعنى الأول هو الأظهر، والأقرب للقبول.

وأرجو ألا أكون خرجت بالموضوع عن مقصده الأساسي، ولكن ضرورة رفع الإشكال لزملائي طلبة العلم استوجب مني هذه الوقفة، وإن كان ماذكرته لا يعبر عن مافي نفسي بدقة، ولعل وقفة أخرى بعون الله أبين فيها ذلك، والله الموفق.

ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[02 May 2009, 02:17 ص]ـ

جزاك الله خيراً على هذه المداخلة الثرية، التي تدل على فهم صاحبها وعقله وأما قولي: فإذا وقع خلاف في تخصيص مدلول اللفظ في اللغة على غير سبيل التمثيل فإن كان التفسير المرفوع حقيقة أو حكماً صحيحاً وجب المصير إليه ولا تحل مخالفته حتى لو قدر وجود أقوال أخرى في المسألة فقصدت به العموم في مسائل التفسير التي تتعلق بها هذه القاعدة ولم أقصد خصوص هذه المسألة. وإلا فهذه المسألة – كما ذكرت - لم يصح فيها حديث مرفوع، وإن كان قد روي فيها عن عمرو بن عبسة وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص بما يفيد أن الفلق (جب في جهنم) وكلها أسانيدها واهية لا تصح.

وأما ما روي عن أبي هريرة فخطأ وصوابه عن كعب الأحبار وإلا لو صحت لكان الأخذ بها واجباً كما قال الشوكاني: (وَهذهِ الأحاديثُ لَوْ كانتْ صَحِيحَةً ثَابِتَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكانَ المصيرُ إِليها وَاجِباً، وَالقولُ بها مُتَعَيِّناً). وكذلك الآثار عن الصحابة روي فيها عن جابر وابن عباس أن الفلق الصبح، ولم يصح عنهما.

وأمثل ما روي عن الصحابة في هذه المسألة ما أخرجه ابن جرير من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الفلق: يعني الخلق.

وهذا الإسناد فيه الخلاف المعروف وقد حسنه بعض أهل العلم.

وهو يتماشى مع رأي شيخ المفسرين في قوله:" .. ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله {بِرَبِّ الْفَلَقِ} بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء، وجب أن يكون معنياً به كل ما اسمه الفَلَق، إذ كان ربّ جميع ذلك". وإن كان -رحمه الله- قد صوَّب القول إنه الصبح، كما يرويه عنه ابن كثير في قوله:" وقال ابن جرير: والصواب القول الأول: إنه فلق الصبح، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير