لقد رغَّبَ رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في تعلّم القرآن وتعليمه، فقال: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري.
وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يجاوزون عشر آيات من كتاب الله إلى غيرها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل.
وتابعهم السلف الصالح من بعدهم بإحسان تلاوته، وفهمه، والعمل به، وبيان ما فيه.
وكان غير العرب -بمجرد دخولهم في الإسلام- يتعلمون لغة العرب؛ ليقرؤوا القرآن ويفهموه ويعملوا به.
وحينما انحسر المد الإسلامي، وضعف المسلمون، وقل الاهتمام بالعلوم الإسلامية ولغتها العربية، ظهرت الحاجة إلى ترجمة معاني كتاب الله لمن لا يتكلم اللغة العربية ولا يفهمها؛ إسهاما في تبليغ رسالة الإسلام للناس كافة، ودعوة لهم إلى هدي الله وصراطه المستقيم.
وتعددت الترجمات، ودخل في الميدان من ليس أهلا له، بل قام بذلك أناس من غير المسلمين، مما جعل الحاجة ملحة إلى أن يعتني المسلمون بتوفير ترجمات صحيحة لمعاني كتاب الله، وبيان ما في بعض الترجمات من أخطاء وافتراء ودس على كتاب الله الكريم، ورسالة نبينا محمد صلى عليه وسلم.
وقد بذلت جهود مباركة من عدد من العلماء المسلمين، والهيئات والمراكز العلمية الإسلامية، لكنها مع ذلك جهود بشر، يعتريها ما يعتري البشر من النقص، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى.
وندر أن يسلم كتاب من كتب التفسير من النقص والملاحظة، بما في ذلك التفاسير التي قام بها علماء كبار أفنوا حياتهم في سبيل العلم بكتاب الله، وبيان مراده سبحانه منه.
فكانوا فرسان هذا الميدان، وخدموا الإسلام وعلومه وأمته خدمة عظيمة، أجزل الله لهم المثوبة، على عنايتهم بكتاب الله الكريم وتفسيره.
لقد وفق الله قادة المملكة العربية السعودية إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاعتناء بهما تعليما وتطبيقا ونشرا.
وكان من أعظم الوسائل التي هدى الله إليها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ووفقه لإنشائها: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة النبوية.
إذ اعتنى بطباعة المصحف الشريف، وتوزيعه بمختلف الإصدارات والروايات على المسلمين في مختلف أنحاء المعمورة، واعتنى بترجمة معاني القرآن إلى مختلف اللغات التي يتحدث بها المسلمون، وتوزيعها عليهم.
وقد تجاوز إنتاجه خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية مائة وعشرين مليونا، وزعت ابتغاء مرضاة الله.
ولقد واجهت المجمع مشكلة سلامة الترجمات المتوافرة حاليا من الملحوظات والأخطاء، وعلى وجه الخصوص في أمور العقيدة؛ إذ يصعب توفر ترجمة وافية موافقة لما كان عليه السلف الصالح وما درج عليه مفسروهم، من تفسير القرآن بالقرآن، وبالسنة النبوية، وبأقوال الصحابة، وبمقتضى لغة العرب، بعيدا عن التأويل والتحريف، والقول في كتاب الله بغير علم.
وكانت أي ترجمة يراد طبعها في المجمع، تخضع لفحص ومراجعة دقيقة من لجان موثوقة ومتخصصة، ويتم تلافي ما يظهر من الملحوظات قدر الإمكان.
ومع الجهود التي تبذل، تبقى الترجمة دون ما يطمح إليه المجمع.
فمن ثم اتجه المجمع -بعد دراسة مستفيضة- إلى إصدار تفسير ميسر لكتاب الله الكريم باللغة العربية على أصول التفسير وطرقه الشرعية التي نهجها السلف الصالح، سالم من تحريف الكلم عن مواضعه، يكون هو الأساس لما يصدره المجمع مستقبلا من ترجمات.
وتم دعوة عدد من أساتذة التفسير للإسهام في هذا التفسير، وفق ضوابط، من أهمها:
1) تقديم ما صح من التفسير بالمأثور على غيره.
2) الاقتصار في النقل على القول الصحيح أو الأرجح.
3) إبراز الهداية القرآنية ومقاصد الشريعة الإسلامية من خلال التفسير.
4) كون العبارة مختصرة سهلة، مع بيان معاني الألفاظ الغريبة في أثناء التفسير.
5) كون التفسير بالقدر الذي تتسع له حاشية "مصحف المدينة النبوية".
6) وقوف المفسر على المعنى المساوي، وتجنب الزيادة الواردة في آيات أخرى حتى تفسر في موضعها.
7) إيراد معنى الآية مباشرة دون حاجة إلى الأخبار، إلا ما دعت إليه الضرورة.
8) كون التفسير وفق رواية حفص عن عاصم.
9) تجنب ذكر القراءات ومسائل النحو والإعراب.
10) مراعاة المفسر أن هذا التفسير سيترجم إلى لغات مختلفة.
11) تجنب ذكر المصطلحات التي تتعذر ترجمتها.
¥