وشهد شاهد - في سورة الحقاف - على كتاب الله فآمن واستكبر بقية بني إسرائيل عن الإيمان.
وشهد شاهد - في سورة البروج - يوم القيامة وأقيمت الحجة بشهادته على المشهود.
أما الشاهد في سورة هود ففيها أقوال؛ بأنه القرآن، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفاته الدالة على صدقه، أو يوم القيامة، أو التوراة التي قبل القرآن؛ فالشاهد يتلو البينة، والتلاوة هي الاسترسال في القراءة وتتابعها، فثبتت ألف مدها لذلك في هذه المواضع الأربعة.
وكان مواضع الحذف فكانت في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم؛
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) الأحزاب.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) الفتح.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) المزمل.
فشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم على من عاصره سواء كانت الشهادة بالإيمان بالله، أو بالكفر والشرك، وبعد ذلك تكون الأمة شهيدة على الناس في كل العصور؛ كل يشهد على من عاصره؛ فهذه الشهادة لئلا يكون للناس حجة على الله بعد الرسل، فشهادة عليه الصلاة والسلام قطع للحجة من قبل الناس بعدم العلم بما يريده الله سبحانه وتعالى؛ فلذلك سقطت ألف المد منها.
أما الشهادة فقد وردت (20) مرة، وقد حذف فيها فيها الألف جميعًا، لأن الشهادة مؤدها قطع الشك أو الكذب عن الشاهد او لمن شهد له.
وهي محذوف الألف في جمعها (3) مرات، وتحذف الألف الثانية التي هي علامة الجمع على القاعدة ان أفراد الجمع أو عناصره يتساوون بينهم، ولا تمايز بينهم إلا بوجود قرينة؛
كما في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) النور
الكلمة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف صاحب وصاحبة
يطلق الصاحب على من لازم غيره، فالفرد هو الذي يصحب قومه، والضعيف الفقير هو الذي يصحب الغني، والمغلوب على أمره هو الذي يصحب من تملكه، ومن لازم مكانًا أو أرضًا بأي صفة كانت؛ كان صاحبها، كان إثبات ألف صاحب وحذفها يرجع إلى دلالة المعاني.
فقد ثبتت الألف في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36) النساء
الصاحب هو المعاشر الذي تطول مرافقته واجتماعه وملازمته لصاحبه؛ كالصاحب بالجنب في هذه الآية، وهو الرفيق في السفر، وقيل الزوجة، والمطلوب مد يد الإحسان إليه؛ فثبتت لذلك الألف فيه.
وثبتت في قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم.
لأن نداء صاحب الحوت - يونس عليه السلام - كان عندما لازم الحوت في بطنه دون موت، حتى نبذه الحوت وهو سقيم.
وثبتت في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ
وفي قوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) النجم
وفي قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير
فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصاحبهم؛ لطول معاشرته لهم، ووجوده بينهم زمنًا طويلا، وتمسكه بطلب الهداية لهم، ولم يدع على عامتهم، ولو دعا لاستجيب له عندما جاءه ملك الجبال ليطبق جبلي مكة على من فيها؛ إذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام، وامتدت صحبته لهم بعد ذلك على الإيمان به؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف صاحبكم، وثبتت الألف كذلك في صاحبهم لنفس السبب؛
في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) الأعراف.
¥