في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (51) الأنفال.
وفي قوله تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (10) الحج.
وفي قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت.
وفي قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) الحديد.
في هذه المواضع نفي بوقوع الظلم من الله عز وجل، والظلم إنقاص للحق وصرفه لغير صاحبه ومن لا يستحقه؛ لذلك سقطت ألف المد منها لأن هذه الصفة ساقطة من صفات الله تعالى، وجيء بها انفيها،
وكل هذه الآيات تعلقت بيوم القيامة؛ يوم يكون الحساب العظيم، وينتهي أمر حساب الناس فيه، ويعرف كل واحد ما له وما عليه، أي عند الانتهاء من الحساب وتقدير الأعمال، وبعد ذلك إما إلى جنة وإما إلى نار.
وأثبت ألفه في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (182) آل عمران.
أما ثباتها في آل عمران فلأن الحديث فيها في زمن الدنيا؛ فقد جاء قبلها (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران؛ فقد سمع الله قولهم ذلك في الدنيا، وكتابة قولهم في الدنيا، وقتلهم الأنبياء في الدنيا، ونقول ذوقوا عذاب الحريق هو انتقال إلى التهديد والوعيد، ثم كمل التهديد والوعيد بشدة ذلك بما قدمت يداك، وأن الله ليس بظلام للعبيد، فالنفي هنا تطلب نفيًا دائمًا مستمرًا؛ لأن الدنيا لم تنته بعد، للناس في الدنيا لم ينته وقيام الآخرة، وحساب الناس، وعقاب الله للكافرين لم يأت بعد؛ فثبتت لذلك ألف المد فيها؛ لأنه نفي للظلم في زمن من مضى، وزمن من حضر، وزمن من سيأتي بعد ذلك إلى قيامة الساعة.
ومن مادة ظلم؛ "ظلمات"؛ وقد وردت في (23) موضعًا، وجميعها بحذف الألف على قاعدة تساوي أفراد الجمع بينهم، ما لم ترد قرينة على خلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) البقرة.
والله تعالى أعلم.
الكلمة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف عال
في قوله تعالى: (فَمَا ءامَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلإيِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83) يونس.
وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنْ الْمُسْرِفِينَ (31) الدخان
العالي هو من زادت منزلته في قومه، وعلى من حوله؛ بسبب ملكه، أو قوته.
والعلو الفردي في الأرض غير المنضبط يدل على الإفساد فيها؛ كما كان عليه فرعون؛ لأنه يطمس كل من نازعه، أو خشي من منازعته له في ملكه، وعلى هذه الزيادة والامتداد في الملك والقوة لمن علا؛ ثبتت ألف عال.
وعلو المؤمنين على أهل الكفر هو من اجتماعهم على الإيمان بالله وطاعته، فينالون نصر الله ومعونته على أعدائهم؛
قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) آل عمران.
وأثبتت ألف عالية مع التأنيث في صفة الجنة؛
في قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) الحاقة.
وفي قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) الغاشية.
¥