والمتشابه ذكر في القرآن في ستة مواضع، وقد حذفت ألف فيها جميعًا؛ لأن التشابه يقتضي التساوي فيما يوصف به المتشابهون، وعلى ذلك تسقط ألفه.
وحذفت ألف هادي في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) الروم.
وفي قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) النمل.
وذلك أن الضالين وُصِفوا بالعمى، والأعمى يقاد ولا يهدى؛ لأنه لا يبصر، فكيف تشير إليه، وتبين له الطريق، وتثبته عليه؟! وعلى ذلك كان حذف ألفه منه.
وقد ذكر "الضلال" في القرآن -الذي عرض في هذه الآيات- سبعًا وأربعين مرة؛ سقطت الألف فيها جميعًا؛ وذلك أن الضلال خروج عن طريق الحق والهدى والثبات، فهو صفة نقص ونكس لا زيادة وامتداد، وعلى ذلك كان حذف الألف منه.
وكذلك ذكرت "الآيات" في القرآن مائتان وخمسًا وتسعين مرة؛ سقطت الألف فيها جميعًا إلا في موضعين فقط من سورة يونس:
في قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ (15) يونس.
وفي قوله تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي ءَايَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) يونس.
وذلك أن الآيات جمع، والجمع تسقط ألف على قاعدة أن الجمع يتساوى أفراده فيه، وعدم تميز بعضهم عن بعض إلا إذا وجدت قرينة تبين خلاف ذلك.
وكذلك فإن الجمع يدل على أشياء ثابتة ومستقرة ومعلومة، فتسقط ألفه لذلك.
فثبات ألف آيات في الموضع الأول؛ لأن الحديث عن آيات مستمرة، ودائمة، وممتدة، ويتواصل نزولها، وتلاوتها؛ فطلب الكافرون تبديل الآيات أو تغييرها بغيرها مما يتلى ويلحق بها؛ فعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي الموضع الثاني؛ جاء في آية كان سبب نزولها؛ أن القحط سلط على أهل مكة سبع سنين، فلما نزلت عليهم رحمة من الله تعالى فيها حياة لهم؛ سخروا واستهزؤوا، فنزول المطر من آيات الله، ويستمر نزوله على فترات، فلا حياة للناس دونه، وإن تأخر عنهم أو أصابهم القحط سنوات عديدة؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف آيات في هذا الموضع أيضًا.
الكلمة الخامسة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف واقع
ورد اسم الفاعل "واقع" بالتذكير ست مرات؛ ثبتت ألفه في ثلاث منها، وحذفت في ثلاث؛
في قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا ءاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) الشورى.
وفي قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) المعارج.
وظنوا انه واقع بهم، وهو واقع بهم؛ علامة على قيامه وامتداده؛ فكان إثبات الألف على ذلك.
وعلى ذلك أيضًا كان ثبات الألف؛
في قوله تعالى: (وَرَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) الكهف.
وثبتت الألف في؛ سأل سائل بعذاب واقع؛ أي دعا بالعذاب الذي يُتَوَعَد به؛
كقوله تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ (47) الحج،
وقوله تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) العنكبوت، فالعذاب قادم لا محالة، وهو يسأل الاستعجال به.
وحذفت ألف "واقع" في ثلاثة مواضع مؤكدة بلام التوكيد؛
في قوله تعالى: (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) الذاريات.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) الطور.
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) المرسلات.
¥