وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) الدخان.
سقطت الألف في المواضع الأربعة جميعًا لأجل قدم البركة في الشيء الموصوف بالبركة، وانقطاعه بعد ذلك؛
فالشجرة في الموضع الأول مباركة قبل أن يوقد منها، والنار كانت كامنة فيها، وبركتها هي في النار التي فيها، وهذه محدودة تزول بانتهاء ونفاد النار منها.
والسلام الذي في الموضع الثاني؛ هو لفظ محدد يقال عند دخول البيوت، أو عند الانقطاع إليه؛ فتكون منه البركة، وينتهي أمره بما يكون من كلام وحديث بعده.
والبقعة في الموضع الثالث؛ مباركة قبل قدوم موسى عليه السلام إليها، والمجيء عندها، وهذه البركة لأجل الأمر الذي حدث في تلك الليلة، وانقضت بانقضاء هذا الأمر، ولن يظهر منها شيء ثانٍ لغير موسى عليه السلام، وآلت الشجرة بعد زمن كبقية الشجر إلى زوال.
وإنزال القرآن في ليلة محددة في الموضع الرابع؛ هي الليلة المباركة، والليلة مدة من الزمن تنقضي، وتنتهي بطلوع فجر اليوم التالي لها.
فالأربعة المذكورة هن من المحدودات الثوابت، غير الدائمات؛ الشجرة، ولفظ السلام، والبقعة، والليلة؛ فسقطت لأجل ذلك منهن الألف.
وردت "بركات" جمع "بركة" في موضعين بغير الإضافة؛ وقد حذفت الألف فيهما؛
في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) الأعراف.
سقطت ألف بركات لأنها علامة جمع لا قيام له، أو لأن قيامه لا يدوم.
وبركات متفرقة على الزمان، وبين الأمم، وهذه البركات في الأولى موعود بها،
وفي الثانية ليست ممتدة للجميع؛ فستنقطع هذه البركات عن الذي سيمتعون بها، ثم يمسهم العذاب، وهي في موضع الوعد بها أيضًا.
ووردت "بركاته" بالإضافة في موضع واحد، وقد حذفت ألفها؛
في قوله تعالى: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود.
وسقوط ألفها كذلك؛ لأن هذه البركات خاصة بأهل بيت إبراهيم عليه السلام، وفي حياتهم، ولا تمتد إلى غيرهم. ولذلك كان القول في الصلاة: وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
ورد لفظ "بارك" بصيغة الفعل الماضي مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) فصلت.
جعل الله تعالى في الأرض الرواسي، وبارك فيها، وقدر الأقوات فيها، وكل ذلك في الأيام الأربعة الأولى من خلق السموات والأرض، وهي أيام محددة في زمن سابق قد مضى، وخلفتها أيام كثيرة، وعلى ذلك كان حذف ألف بارك منه.
وورد لفظ "باركنا" متصلا بضمير الجمع في ستة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) الأنبياء.
وفي قوله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) الأنبياء.
¥