وفي قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ (18) سبأ.
وفي قوله تعالى: (وبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) الصافات.
البركة التي كانت من الله تعالى في المواضع الخمسة لأرض فلسطين وقراها، أو جزء من بلاد الشام أو عامته، أو وادي الأردن خاصة، والبركة حاصلة فيها قبل هجرة إبراهيم ولوط عليهم السلام إليها، وقبل توريث بني إسرائيل في فترة من الزمان لها، وقبل الارتحال إليها، وقبل تجارة أهل اليمن معها، ولم يكن المقصود بهذا الذكر لها بيان استمرار البركة فيها؛ فإن العلم السابق بالبركة الحاصلة فيها هو الدافع لاختيارها والمجيء إليها، وعلى ذلك كان حذف الألف من باركنا.
وأما المباركة على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام فهي بركة عليهما خاصة، ولا تمتد لجميع ذريتهما، لأن منهم الذي يظلم نفسه، وعلى ذلك كان حذف الألف منه.
ورد لفظ "تبارك" تسع مرات؛ ثبتت ألفه في سبعة مواضع؛
في قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف.
كل ما سخر هو بركة مستمرة وعلى ذلك ثبتت الألف.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون.
والبركة للمخلوق في رحم الأم تستمر بعد كسي العظام لحما، وبعد خروجه للحياة حتى يصير رجلا كاملاً، ولأجل ذلك جرى إثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان.
تنزيل الفرقان من الله تعالى ليكون بركة دائمة ومستمرة لكل من يخشى في عمله ما وصله من إنذار الله تعالى للناس عواقب أعمالهم، وعلى ذلك جرى تثبيت الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) الفرقان.
ومن بيده البركة السابقة بجعل جنات تجري من تحتها النهار والقصور للناس بيده البركة اللاحقة، وقادر على أن يخص النبي عليه الصلاة والسلام ببعضها؛ فيجعل له جنات وأنهار وقصور إن نشاء. وعلى ذلك جرى تثبيت الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) الفرقان.
من صفات السماء أن ذاتها تشف عما فوقها، وما بعدها، وما يكون فيها، فيظهر من خلالها، وهي صفة دائمة مستمرة فيها، وبسبب هذه الصفة نرى النجوم والكواكب والشمس والقمر، ولو كانت السماء معتمة لما رأينا من ذلك شيء، وعلى ذلك كان ثبات تبارك فيها.
وفي قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) غافر.
جعل الله تعالى الأرض قرارا، والسماء بناء، وتصوير ما خلق من الناس، والذي سيخلق منهم، ورزقه بالطيبات لمن كان منهم، والذي سيكون بعد ذلك، كل ذلك قائم ومستمر، فعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) الزخرف.
مُلك الله تعالى للسموات والأرض وما بينهما هو ملك دائم ومستمر، وعليه كان ثبات الألف.
وحذفت ألف تبارك في موضعين آخرين؛
في قوله تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78) الرحمن.
¥