وفي قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) النساء.
وفي قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد.
وفي قوله تعالى: (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) الحديد.
وبصيغة المبني للمجهول (يُضَاعَفُ) في ثلاثة مواضع، وهي في مضاعفة السيئات، لأن السوء والشر لا ينسب في القول إلى الله عز وجل؛
في قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) هود.
وفي قوله تعالى: (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) الأحزاب.
ويرجع حذف ألف "يضاعف" إلى أن هذا الفعل من الجذر "ضعف" وعلى استعمال هذا الجذر؛ فإن فعل يضاعف يفيد إزالة الضعف الذي يعتري الأنفس.
وذلك أن رغبات الإنسان لا تقف عند الحد الذي ينالها فيه، بل تتطلع نفسه إلى ما فوق ذلك؛ فإن نال ما يستحق من أجر وثواب؛ قال ذاك حقي فنلته، وقد يرى أنه يستحق أكثر من هذا، وظلت نفسه تتطلع إلى المزيد؛ فمضاعفة الخير والحسنات والعطاء له فوق ما يستحق من أجر وثواب، يرضي النفس ويطمئنها، ويقطع عنها السخط بوقوف العطاء على حد استحقاق العمل فقط.
وإن كان أخذ ما يستحقه من العقاب على أفعاله، فإن يجفف عن نفسه أنها لم تعاقب بأكثر من ذلك، وخاصة إذا كان يتوقع من العذاب فوق ذلك؛ فمضاعفة العذاب له يقطع عليه تهوين العذاب على نفسه ليخف عليها ألمها، وهذا الشعور بقلة العذاب لا يريده الله له أيضًا في الآخرة؛ فلا يكون منهم إلا السخط على أنفسهم، وعلى من كان سببًا في كفرهم وشركهم.
وفي كلتا الحالتين؛ أريد بمضاعفة الحسنات أو السيئات؛ القطع على المحسن استقلال الأجر والثواب، والقطع على المعذب استقلال ما ناله من عذاب؛ وعلى ذلك سقطت ألف المد منها.
والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثالثة والعشرون
حذف وإثبات ألف أصنام
وردت "الأصنام" خمس مرات؛ ثبتت ألفها في أربعة مواضع، وحذفت في موضع واحد؛
في قوله تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَاءِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَاهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) الأعراف.
في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) إبراهيم.
في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءَالِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) الأنعام.
في قوله تعالى: (قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) الشعراء.
الأصنام هي أشكال مصنوعة من صخر، أو خشب، أو طين، أو غير ذلك؛ توضع لأجل عبادتها، أو الادعاء زورًا أن عبادتها تقرب إلى الله، ولذلك فهم يؤدون طقوسًا لها وحولها، والنحر لها، وإطعام الطعام لها ولمن يأتيها.
والحديث عن الأصنام في الآيات التي ثبتت بها الألف؛ حديث عن أصنام قائمة ومعظمة منهم، ومستمرين على عبادتها؛ وعلى ذلك كان إثبات ألفها.
¥