1 - إن القرآن العظيم صادر من الله تعالى بلفظه ومعناه؛ ولأجل ذلك ثبت له الإعجاز في الأمرين كما سيأتي.
2 - إن السنة الشريفة وحي صادر من الله بمعناه لا بلفظه؛ إذ أن الألفاظ صادرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأجل ذلك صح إعجاز السنة في الحقائق وصدقها؛ لا في البلاغة والنظم كما هو شأن القرآن وسيأتي الحديث عن ذلك.
خصائص الوحي:
إنّ للوحي خصائص ومميزات وهذه الخصائص تشمل نوعي الوحي جميعهما؛ إلا أنها من الدقة بحيث يمكن أن تختلف في كل من النوعين اختلافاً بيناً؛ وهذا أمر شديد الأهمية كما سيأتي؛ وهذه الفروق بين النوعين ليست بالكثيرة؛ ولكنها جوهرية على كل حال كما سيأتي.
والحق أنّ بيان الخصائص من أهم الأمور المنهجية في تعاملنا مع الوحي، وذلك لأن التعامل المطلوب والمنهج المنشود لا يتأتى دون بيان هذه الخصائص من جهة ودون معرفة المسالك التي ينبغي أن تسلك من جهة أخرى.
وهذه الخصائص والمميزات التي يتميز بها الوحي في الإسلام أمور لا بد من التعامل معها بفهم ودراية، إذ أن من شأن التدبر المصحوب بالفهم والدراية أن يهدي إلى الحق وإلى سواء السبيل، وتتمثل هذه الخصائص في الآتي:
1 - إلهية المصدر:
سبق أنّ كلاً من القرآن والسنة - باعتبارها وحياً - صادرين عن الله تعالى لا عن سواه؛ ولكن القرآن صادر من الله لفظاً ومعنى؛ بينما السنة صادرة من الله بالمعنى فحسب.
2 - الإعجاز:
الإعجاز هو نسبة العجز إلى البشر عند التحدي، ومعلوم أن القرآن العظيم قد تحدى البشر قاطبة في غير ما آية أن يأتوا بمثله فما استطاعوا، وقد بين الله تعالى استحالة الإتيان بمثل القرآن؛ وذلك كما في قوله تعالى:} قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً?
وقوله:} وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ ?
يقول الإمام القرطبي وذلك " لإعجازه ولوصفه ومعانيه وتأليفه"
ويقول ابن عطية " وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه وتوالى فصاحة ألفاظه"
ويقول ابن كثير " القرآن معجز من وجوه كثيرة منها فصاحته وبلاغته ونظمه وتراكيبه وما تضمنه من الأخبار الماضية والمستقبلة وما اشتمل عليه من الأحكام المحكمة الجلية "
ويتضح مما سبق أنّ الإعجاز عند العلماء على ثلاثة أنواع:
1 - إعجاز الفصاحة وجودة اللفظ؛ وحسنه؛ بحيث لا يستطيع البشر الإتيان بمثله.
2 - إعجاز النظم والتراكيب؛ بحيث لا يستطيع أحد أن يأتي بسبك مثله سبكه ولا تركيب مثل تركيبه ونظمه.
3 - صحة المعاني؛ حيث إنّ القرآن قد نزل من الله الذي أحاط بكل شئ علماً؛ فجاء لذلك صادقاً في أخباره الماضية والمستقبلة كما جاء عادلاً في أحكامه متوخياً مصلحة العباد فيها.
إعجاز السنة:
لما كانت معاني السنة وحياً يوحى فإنّ المعاني والعلوم التي فيها أيضاً صادرة من الله تعالى؛ ومن هنا يمكن أن يقال أن السنة الصحيحة معجزة من حيث معناها؛ بما اشتملت عليه من صدق الأخبار وعدل الأخبار.
الفرق بين إعجاز القرآن وإعجاز السنة:
يجتمع القرآن والسنة والكتب السماوية في أصولها الصحيحة في كونها جميعاً معجزة المعنى لصدورها من الله تعالى كما ذكر كثير من العلماء، إلا أن إعجاز الفصاحة والنظم أمور تفرد بها القرآن دون غيره، ورغم أن ألفاظ السنة الشريفة صادرة من أفصح العرب صلى الله عليه وسلم وقد بلغت درجة عالية من الفصاحة وجودة النظم - إلا أنه لم يقل أحد من علماء المسلمين بإعجازها في هذا الجانب. ويشهد التاريخ ما لحق بالسنة من وضع وتدليس وتزوير، وهذا يدل دلالة واضحة على أن السنة ليست بالغة التميز في الفصاحة والنظم - كما هو شأن القرآن الذي لا يمكن حدوث التزوير فيه أبداً لإعجازه في هذين الجانبين وتفرده فيهما.
الفرق بين إعجاز القرآن والكتب السماوية:
إنّ الكتب السماوية - وإن تنوعت شرائعها واختلفت مناهجها - إلا أنها في حقيقة الأمر ذات دين واحد وهو التوحيد، ولكن من الناحية العملية فهناك فروق جوهرية بين القرآن وسائر الكتب ينبغي مراعاتها؛ حتى نتمكن من البناء المنهجي عليها؛ ومن هذه الفروق ما يأتي:
1 - يجتمع القرآن والسنة والكتب السماوية في كونها جميعها صادرة من الله.
¥