وإذا اقتصرنا على ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فإننا نجد أنّ الوحي ينقسم إلى قسمين هما:
1 - القرآن الذي أنزل عليه بلفظه ومعناه كما سيأتي.
2 - السنة التي أوحيت إليه من الله بمعناها وإنّ كان اللفظ من قبله صلى الله عليه وسلم
ثانياً: مفهوم القرآن:
1 - معنى القرآن في اللغة:
كلمة "قرآن" في اللغة تشير إلى معنى الجمع والضم
وقد سمى القرآن بذلك عند العلماء لعدة أسباب منها:
1 - لأنه جامع لثمرة جميع العلوم
2 - لأنه جامع لثمرة الكتب السماوية التي أنزلها الله من قبل
3 - لأنه جامع للسور (1).
2 - المعنى الاصطلاحي للقرآن:
لعلماء الإسلام تعريفات متعددة للقرآن منها ما يلي:
1 - يقول الشوكاني " حد القرآن اصطلاحاً هو الكلام المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلاً متواتراً "
2 - عرف بعض العلماء القرآن بقولهم " هو اللفظ العربي المنزل للتدبر والتذكر الذي نقل بالتواتر "
3 - يقول الشوكاني"قيل في حد القرآن هو الكلام المنزل للإعجاز بسورة منه"
مفهوم السنة:
1 - تعريف السنة لغة:
لكلمة " سنة" في اللغة عدة معان منها:
1 - الطريق المسلوكة
2 - الدوام والطريقة المعتادة سواء كانت حسنة أو سيئة كما في الحديث " من سنَّ سنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سنَّ سنَّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " وسنة كل أحد ما عهد منه المحافظة عليه والإكثار منه سواء كان ذلك من الأمور الحميدة أو غيرها وفي الأصل تطلق السُّنة على الطريقة المحمودة وقد تستعمل في الطريقة المذمومة وتأتي في هذه الحالة مقيدّة بالصفة فيقال سنة سيئة كما في الحديث السابق.
2 - معنى السُّنة في الاصطلاح:
للسنة معان اصطلاحية متعددة، وذلك كالآتي
1 - تطلق عند أهل الشرع ويراد بها قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره.
2 - تطلق عند أهل الحديث بالمعنى العام ويراد بها الواجب وغير الواجب.
3 - تطلق عند الفقهاء ويراد بها ما ليس بواجب وذلك في تقسيمهم للأحكام باعتبارها " واجب وسنة ومندوب ومكروه ومباح .... الخ".
4 - تطلق عند علماء العقيدة في معنى يقابل البدعة؛ إذ يقال فلان من أهل السنة.
والمعنى الذي نريده في هذا المضمار هو المعنى الأول الذي هو ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدلة الشرعية في أقواله وأفعاله وتقريراته التي هي غير القرآن
رابعاً: الفرق بين القرآن والسنة:
ذهب كثير من العلماء المحققين إلى أن السنة وحي وإرسال الهي بالمعنى؛ لا باللفظ والمعنى معاً كالقرآن؛ ولأجل ذلك يذكر الإمام القرطبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتى الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتى الوحي الظاهر المتلو وهو القرآن؛ فيكون الوحي الوارد في السنة واجب العمل به ولازم القبول كالقرآن تماماً.
ويقول الآمدى " إنّ الوحي منه ما يتلى ويسمى قرآناً ومنه ما لا يتلى ويسمى سنة"
ويذكر ابن حزم أنّ الوحي ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: متلو معجز النظام " أي البلاغة" وهو القرآن.
الثاني: مروي منقول غير مؤلف ولا معجز " أي في البلاغة أيضا"
ولأقوال هؤلاء العلماء التي ذكروها أدلة من القرآن والسنة أما الدليل من القرآن فهو قوله تعالى:} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?
و الدليل من السنة قوله صلى الله عليه وسلم:" ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه"
وعن عبد الله بن عمر ? قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق"
والحق أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر؛ ولكنه بشر موحى إليه؛ وهذا الاختلاف الجوهري بينه وبين سائر البشر يجعل كل كلامه وحياً؛ قال تعالى:} قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ?
وإذا ثبت أن كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي- فإنه من الضرورة بمكان بيان الفرق بين كلامه وكلام الله تعالى المتحدى به؛ ويكمن هذا الفرق في الآتي:
¥