تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وخلق الإنسان طوراً بعد طور من نطفة ثم علقة ثم مضغة أمر قد ذكره القرآن وأثبته العلم أخيراً، وقد زعم العلم المادي في أول أمره أن الإنسان يتكون من دم الحيض؛ ثم غيّر رأيه ليقول إن الإنسان يخلق كاملاً "قزماً " في الحيوان المنوي على صورته الإنسانية الكاملة، وفي القرن العشرين دحض التصوير كافة آراء العلماء وجاءت النتيجة كما قررها القرآن؛ يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).وتبين هذه الآية كما يبين العلم أخيراً أن الإنسان يتكون على مراحل وأطوار هي: "مرحلة السلالة" والسلالة في اللغة هي انتزاع الشيء وإخراجه في رفق؛ وقد تطلق في اللغة أيضاً على نوع من السمك طويل الذيل يشبه الحيوان المنوي إلى حد كبير ثم " مرحلة النطفة"والنطفة في اللغة هي القطرة ويتكون الجنين من قطرة ماء الرجل- بعد خروجها- وقطرة من ماء المرأة، ثم " مرحلة العلقة"وتطلق العلقة في اللغة على دودة في الماء تمتص دم الحيوانات التي تلتصق بأجسامها، وهذا الوصف والشكل منطبقان تماماً على الجنين في هذه المرحلة ثم "مرحلة المضغة"وتطلق المضغة في اللغة على شيء لاكته الأسنان وظهرت عليه آثارها؛ وهذا الشكل يظهر في الجنين في اليوم الثالث عشر والرابع عشر وتظهر على هذا الجنين الفلقات ٍ“ Somites” ومن المعلوم في العلم الحديث أن الجنين في هذه المرحلة تتشكل بعض أجهزته ويبقى البعض الأخر ليتشكل لاحقاً؛ ولهذا قال تعالى: (مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) ثم تأتي "مرحلة العظام" وفي هذه المرحلة يبدأ الجنين في أخذ المظهر الإنساني ثم "مرحلة الكساء باللحم" وفي الأسبوع الثامن تأتى هذه المرحلة التي تتناسق فيها الأعضاء بصورة أدق

وبذلك أثبت القرآن أن الإنسان قد خلق منذ أول خلقه إنساناً لا حيواناً، وأن التفضيل البشري لا يقوم على التطور واللون والجنس كما تدعي نظرية دارون؛ وإنما يقوم على العمل والتقوى المكتسبة؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:57 م]ـ

رابعاً: عدم التعويل على الأخبار الواهية:-

معلوم أن في ثقافة البشر ـ مهما ارتقت حضارتهم ـ كثير من الأباطيل والأساطير والخرافات، ولا تكاد تنجو من ذلك أمة أو يسلم شعب، ففي التراث الإسلامي خاصة والتراث العالمي عامة بعض الأخبار التي لا توافق حقائق القرآن والسنة ولا أحكام العقل ومعطيات الحس والواقع وطبائع الأشياء، ولهذا يجب التنبه وبشدة في مضمار الإعجاز العلمي لمثل هذه الأمور التي يمكن لبعض الباحثين الاستشهاد بها دون فحصها وتمحيصها ونقدها، وينبغي للمشتغل بالإعجاز العلمي أن يكون دائم النقد فلا يقبل من معطيات التراث الإسلامي أو العالمي إلا ما قام دليله ونهضت حجته، ولا يجوز أخذ الأخبار الواهية أو الأساطير والأباطيل والخرافات، ولما كان مجال الإعجاز عموماً مجال تحدٍ وإثبات فإن من شأن إقحام هذه الأمور فيه أن تشوه هذا المجال تشويهاً شديداً، ولما كان الأمر كذلك فإن الأخبار التي يمكن أن تدخل على المتعامل مع القرآن في مضمار الإعجاز العلمي على قسمين هما:-

أ - الأخبار الواهية الداخلية

ب - الأخبار الواهية الخارجية

وتفصيل ذلك كالآتي:-

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:58 م]ـ

أ/ الأخبار الواهية الداخلية:-

نقصد بالأخبار الداخلية الواهية تلك الأخبار التي لا أصل لها في تراث الأمة، وهذه الأخبار شديدة الخطورة في الإعجاز العلمي وغيره إذا تم أخذها والاستشهاد بها، وتنقسم هذه الأخبار في هذه الدراسة على قسمين هما:-

1/ روايات القصّاص والإخباريين الواهية

2/ الأحاديث الموضوعة

وتفصيل ذلك كالآتي:-

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:02 م]ـ

/ عدم الاعتماد على روايات القصّاص الواهية:-

كان لعلمائنا الأقدمين مناهجهم في كتبهم، وقد يجنح المؤلف منهم في تأليفه إلى منهج الرواية فيعزو الأقوال إلى قائليها والآراء لأصحابها دون تعليق؛ وإن لم يكن مقتنعاً بهذه الأقوال

ولاشك أن الأخبار التي لا يراعى فيها الموضوعية وأحكام العقل وطبائع الأشياء وكيفية وقوع الحوادث إنما هي أخبار مرفوضة؛ ولا يجوز الاعتماد عليها؛ ولهذا لا يمكن للعلماء أن ينقلوا الأقوال الشاذة من التفاسير وكتب التراث دون نقدها وبيان زيفها.

ومن ذلك ما ذكره ابن كثير عن القصّاص المبالغين الذين ذكروا أن ذا القرنين تجاوز الشمس نفسها وصار يمشي في الظلام؛ يقول ابن كثير: (من زعم من القصاصين أن ذا القرنين جاوز مغرب الشمس وصار يمشي بجيوشه في الظلمات مدداً طويلة فقد أخطأ بعد النجعة وقال ما يخالف العقل والنقل) وما ذلك إلا لاعتقاد هولاء القصاصين أن ذا القرنين قد بلغ المكان الذي تغرب فيه الشمس نفسه، فلما اعتقدوا ذلك زادوا فيه فبالغوا، وليس الأمر كذلك بحال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير