ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:02 م]ـ
2/ تجنب الأحاديث الموضوعة:
الأحاديث الموضوعة التي وضعها بعض الناس ولم تثبت نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه لا يعول عليها في الإعجاز العلمي ولا في غيره، ولهذا فإنها لا تصلح دليلاً ولا يجوز البناء عليها، وقد ألف علماء الإسلام كتباً جمعوا فيها هذه الأحاديث ليحذرها الناس
وهذا النوع من الحديث لا يجوز الاستدلال به في مضمار الإعجاز العلمي ولو ثبتت صحة ما فيه بالتجريب فرضاً وهو أمر بعيد في الغالب، فلا يمكن لباحث في الإعجاز العلمي مثلاً أن يستعين بحديث (عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمع) و (الباذنجان لما أكل له) و (والباذنجان شفاء من كل داء)، و مثله: (الجوز دواء والجبن داء فإذا صار في الجوف صار شفاء) و: (بئس البقلة الجرجير من أكل منها ليلاً بات ونفسه تنازعه ويضرب عرق الجذام في أنفه)
أما الحديث الضعيف ـ كما هو معروف ـ فهو أقوى بكثير من الحديث الموضوع؛ إذ أن هنالك احتمال في نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم تقو أدلة أهل العلم في نسبته إليه، ولما كان مجال الإعجاز العلمي مجال تحد فإنه من الخطورة بمكان الاستشهاد فيه بغير الثابت، ولهذا لا يجوز البناء على الأحاديث الضعيفة أيضاً إلا كأدلة معضدة لأدلة أخرى؛ وإلا انفتح هذا الباب وجاء الناس بكل ضعيف وغريب فأنشئوا أسساً مهددة بالهدم والانهيار.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:04 م]ـ
ب ـ الأخبار الخارجية الواهية:-
نقصد بالأخبار الخارجية الواهية تلك الأخبار والأساطير التي جاءت إلى الأمة الإسلامية من خارجها ودخلت في كتب تراثهم العلمي الثرّ سواء كان ذلك من أهل الكتاب أو من غيرهم، فهذه الأخبار شديدة الخطورة في مجال الإعجاز العلمي إذا تم أخذها فيه، وتنقسم هذه الأخبار الخارجية في هذه الدراسة إلى قسمين هما:-
1/ الإسرائيليات التي لا أساس لها
2/ أقوال الأمم الأخرى كاليونان والفرس والروم والغربيين المعاصرين مما لا أصل له ولا دليل عليه
وتفصيل ذلك كالآتي:-
1/ عدم التعويل على الإسرائيليات:-
انتقلت الإسرائيليات إلى القصاص ورواة الأخبار حتى دخلت في كتب تفسير القرآن أيضاً، وهي – حسب تعريفها-: الأخبار المنقولة من أهل الكتاب التي تسربت إلينا منهم، وقد ذكر العلماء أنها ليست لها ثبات ولا يعوّل عليها
ومن ذلك أيضا أن (ق) في قوله تعالى: (ق وَالقُرْآنِ المَجِيدِ) اسم جبل من زبرجدة خضراء يحيط بالأرض كلها؛ قال كعب الأحبار: (قاف جبل أخضر محيط بالخلائق) وكلام كعب ليس صحيحاً؛ إذ أن "ق" حرف كبقية الحروف في أوائل السور نحو " ص، ن، الم، ألمر "وغيرها. وأما من حيث السياق فقد قال الفراء: (إن كان "ق" اسم وليس حرف هجاء كان يجب أن يظهر فيه الإعراب) أي لكان "قافٌ" بضمتين لا (ق) بالسكون؛ لأنه مبتدأ؛ يقول ابن كثير: (هذا من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس .... وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمر دينهم)
وهذه الأخبار الواهية من هذه الإسرائيليات الواردة في كتب التفسير لا يجوز نقلها في مضمار الإعجاز العلمي ولا غيره؛ فلا يجوز لأحد أن يبحث عن شيء محيط بالأرض ليحمل عليه جبل (ق) الذي لا أصل له ولا أساس
والحق أن بعض زنادقة أهل الكتاب قد كانوا بعيدي النظر في الطعن على القرآن وإظهاره بالمظهر الخرافي؛ فوضعوا أقوالاً في الكونيات تخالف الطبيعة من جهة ولم يقل بها القرآن من جهة أخرى، فالتقطها القصاص ورواة الأخبار _ وهم حطاب ليل_ فدخلت إلى التفسير، وهذا يكشف عن عظم الكيد والخبث، وقد تسرب هذا السم إلى التفسير والحديث؛ فحاربه العلماء حتى لا يتلوث هذا الدين الطاهر، ومن هذه الإسرائيليات في هذا المضمار ما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وأسباب الكائنات وتعليل بعض الظواهر الكونية تعليلاً خرافياً باطلاً، ومن ذلك: ابتلاع الحوت للشمس عندها غروبها، وأن الشمس قد وكل بها تسعة أملاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته، وأن الأرض على الماء والماء على صخرة والصخرة على ظهر حوت يلتقي طرفاه بالعرش، وأن المجرة التي في السماء هي لعاب حية تحت
¥