1 - القرآن الكريم منهج رباني متكامل، عقيدة وشريعة، وأخلاقا وسلوكا، ومنهجا وتصورا، وعلما ومعرفة، ودينا ودنيا. فهو كلام الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علما، وهو نسيج وحده.
2 - إن العلوم اللغوية في الثقافة العربية الإسلامية لا يمكن فصلها عن الرؤية العقدية الإسلامية، ومن ثم فإن هذه العلوم نشأت لخدمة الإنسان شأنها شأن كل العلوم، بل شأن الدين نفسه.
3 - إن مصطلحي الخطاب والنص مصطلحان متداولان في الثقافة العربية الإسلامية، ومتصلان بحقول معرفية متعددة كعلوم القرآن والتفسير، والحديث وأصول الدين، والفقه وأصوله، واللغة وعلومها. و تكتسب العلاقات الإسنادية أهمية خاصة في تشكيل الخطاب. فلا يكون النص نصا، ولا الخطاب خطابا، ما لم يكن متسقا ومنسجما، بحيث يشكل منظومة متكاملة، مكونة من بنيات وعناصر تربط بينها آليات الربط الشكلية والدلالية.
4 - يمتاز القرآن الكريم بكونه نصا وخطابا إلهيا مطلقا غير قابل للمحاكاة، وله ترتيبان ترتيب التلاوة وترتيب النزول، وموافق للنظام العام الذي يحكم اللغة العربية. كما أنه يعدل عن معهود العرب في الكلام، ومن ثم فهو بناء فكري ولغوي محكم ومتفرد. فالقرآن الكريم خطاب ملفوظ، ونص مكتوب، تتحقق فيه مكونات العملية التواصلية وشروطها:
أ. المرسل.
ب. المتلقي.
ت. الخطاب ذاته.
ث. الحضور أي: حضور صاحب النص قراءة وكتابة، فحيثما قرئ القرآن أو تلي فثم وجه الله. مما يجعل القرآن الكريم يستبطن كل المقامات الممكنة. كما أنه يمتاز عن معهود النصوص والخطابات البشرية بكون مقاله سابقا لمقامه، فالله تعالى أنشأه ابتداء.
5 - إن القرآن الكريم ليس مشرعا أمام مطلق القراءات، لذلك فهو لا يحتمل من القراءات إلا ما كان محققا لمقصد الوقوف على مضمون الرسالة أي على مراد الله تعالى من الخطاب القرآني. ومن ثم فإن القراءة الموافقة للخطاب القرآني، والموصلة إلى مراد الله تعالى هي القراءة المقاصدية، التي تتوفر فيها أسس التلقي الإيجابي، والمراعية لخصوصيات القرآن الكريم، والتي تظل نسبية محدودة في الزمان والمكان باعتبارها مجهودا بشريا.
6 - يقوم البناء الصوتي للقرآن الكريم على الإظهار باعتباره الأصل المحقق للتواصل وجمالية التعبير بالظهور. أما الإدغام فهو عارض يهدف إلى اقتصاد المجهود، وتحقيق الانسجام الصوتي ووضوح المعنى. وللإدغام وظيفة صرفية لأنه يعنى ببنية الكلمة بشكل جزئي، كما أن له وظيفة تركيبية ودلالية، و يعمل على تحقيق الانسجام بين الأصوات. مما يبين تعالق المستويات اللغوية، وأن الفصل بينها ليس حقيقة لغوية، بقدر ما تلجئ إليه الإكراهات التعليمية والعلمية.
7 - يفرض الانسجام الصوتي تحقيق توازنات صوتية في مواقف تعبيرية معينة، مع تحقيق مبدأ اقتصاد المجهود، والتأثير في المتلقي ببراعة وروعة الجرس الموسيقي الذي يتحقق بالأصل وما يطرأ عليه من عوارض تمشيا مع الموقف والمقام، رغبة ورهبة، وبيانا وهداية.
8 - يقوم الإيقاع الوزني بوظيفة الاتساق، المتمثل في الربط بين مكونات النص/ الخطاب القرآني، وبوظيفة الانسجام بما يشيعه من توازن صوتي ـ تام وغير تام ـ يسهم في تشكيل الإيقاع القرآني، مع مناسبة الإيقاع للمقام و السياق. وقد وظف البيان القرآني آليات متعددة لتحقيق التوازنات الصوتية، كالتكرير والتوقع، والإضافة والفاصلة، والحركات والإتباع، والتقديم والتأخير، والحذف والجناس والطباق.
9 - استخدم البيان القرآني المكون الصرفي لتحقيق الاتساق والانسجام بين مكوناته، ليجعل من القرآن الكريم منظومة متكاملة، لا يمكن فهم إحدى جزئياته إلا في إطاره الكلي، و مما تجدر الإشارة إليه وجود علاقة تكامل بين الصيغة والسياق والمقام في الدلالة على زمن الفعل. كما أن الصيغ تم اختيارها بدقة متناهية لتناسب السياق والمقام، وتحقق الإيجاز، وجمالية العرض، فضلا عن الربط المحكم بين مكونات الخطاب القرآني.
10 - إن الفعل القرآني مستقبلي وأبدي معجز، حيث يدل على الزمن المطلق، فالماضي يستعمل للدلالة على المستقبل الذي لم يحدث بعد، كالأفعال التي تتحدث بصيغة الماضي عن مشاهد يوم القيامة.
¥