ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Jun 2009, 03:19 م]ـ
لما وقفت على هذا الحوار الجميل بين الأخوين الكريمين، الشيخ محمد والدكتور خضر، ثار في نفسي ما ثار من الشجون وتذكرت قول الحق تبارك وتعالى:
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا) الإسراء (25)
وأحسبها تصب فيما ذهب إليها الشيخ محمد ووافقه عليه أخيرا الدكتور خضر.
ثم وقفت على كلام العلامة بن عاشور رحمه الله على الآية في تفسيره فإذا هي تجلي لنا سعة رحمة الله وكيف أن شرعه جاء متوافقا مع طبيعة الضعف والجهل والتقصير الذي جبل عليه الإنسان، يقول رحمه الله:
"تذييل لآية الأمر بالإحسان بالوالدين وما فصل به، وما يقتضيه الأمر من اختلاف أحوال المأمورين بهذا الأمر قبل وروده بين موافق لمقتضاه ومفرط فيه، ومن اختلاف أحوالهم بعد وروده من محافظ على الامتثال، ومقصر عن قصد أو عن بادرة غفلة.
ولما كان ما ذكر في تضاعيف ذلك وما يقتضيه يعتمد خلوص النية ليجري العمل على ذلك الخلوص كاملاً لا تكلف فيه ولا تكاسل، فلذلك ذيله بأنه المطلع على النفوس والنوايا، فوعد الولد بالمغفرة له إن هو أدى ما أمره الله به لوالديه وافياً كاملاً. وهو مما يشمله الصلاح في قوله: {إن تكونوا صالحين} أي ممتثلين لما أمرتم به. وغير أسلوب الضمير فعاد إلى ضمير جمع المخاطبين لأن هذا يشترك فيه الناس كلهم فضمير الجمع أنسب به.
ولما شمل الصلاح الصلاح الكامل والصلاح المشوب بالتقصير ذيله بوصف الأوابين المفيد بعمومه معنى الرجوع إلى الله، أي الرجوع إلى أمره وما يرضيه، ففهم من الكلام معنى احتباك بطريق المقابلة. والتقدير إن تكونوا صالحين أوابين إلى الله فإنه كان للصالحين محسناً وللأوابين غفوراً. وهذا يعم المخاطبين وغيرهم، وبهذا العموم كان تذييلاً.
وهذا الأوْب يكون مطرداً، ويكون معرضاً للتقصير والتفريط، فيقتضي طلب الإقلاع عما يخرمه بالرجوع إلى الحالة المرضية، وكل ذلك أوْب وصاحبه آيِب، فصيغ له مثال المبالغة (أواب) لصلوحية المبالغة لقوة كيفية الوصف وقوة كميته. فالملازم للامتثال في سائر الأحوال المراقب لنفسه أواب لشدة محافظته على الأوبة إلى الله، والمغلوب بالتفريط يؤوب كلما راجع نفسه وذكر ربه، فهو أواب لكثرة رجوعه إلى أمر ربه، وكل من الصالحين.
وفي قوله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} ما يشمل جميع أحوال النفوس وخاصة حالة التفريط وبوادر المخالفة. وهذا من رحمة الله تعالى بخلقه.
وقد جمعت هذه الآية مع إيجازها تيسيراً بعد تعسير مشوباً بتضييق وتحذير ليكون المسلم على نفسه رقيباً."
التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 213)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[15 Jun 2009, 07:22 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
هذه المناقشة تذكرني بقضية، وهي أن المفتي وإن كان مطالب بأن يتحرى يسر الدين في فتواه إلا أنه لابد أن يوضح للسائل الحقيقة ويريه الصورة الحقيقية للأمور مع ذلك، فمن يضمن عمر العاق، ومن يضمن رضى قلب الوالدين فالقلوب بيد الرحمن، وانظروا ما فعل الله تعالى بابن الصالحين لأجلهم:
{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً} (الكهف80)
ومن يضمن سكوت الوالدين عند الغضب وعدم دعاؤهم على من عقهم من الأولاد.
وقد أجمعت الأمة على حرمة العقوق وأنه من الكبائر المتفق عليها.
وقدأخرج البخاري في صحيحه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
"ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ فَقَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالَ قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ قَالَ شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ"
ومن عقوبة العاق لوالديه في الدنيا:
1 - يضيَّق عليه في رزقه وإن وسِّع عليه فمن باب الاستدراج.
2 - لا يُنسأ له في أجله كما ينسأ للبار لوالديه والواصل لرحمه.
3 - لا يُرفع له عمل يوم الخميس ليلة الجمعة.
4 - لا تفتح أبواب السماء لعمله.
5 - يبغضه الله.
6 - يبغضه أهله وجيرانه.
7 - يخشى عليه من ميتة السوء.
8 - يلعنه الله وملائكته والمؤمنون.
9 - لا يستجاب دعاؤه.
10 - تعجل له العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له يوم القيامة.
11 - يعقه أبناؤه وأحفاده.
ب. في الآخرة:
1 - لا يدخل الجنة إن كان من الموحدين مع أول الداخلين.
2 - لا ينظر الله إليه وإن دخل الجنة. قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث"79، وفي رواية: "لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر". وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رَغِمَ أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه"، قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر أوأحدهما ثم لم يدخل الجنة".80 وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة قاطع"81، وفي رواية: "قاطع رحم".
" منقول "
نعم لابد من الوضوح فالعاق سيخسر الدنيا والدين إذا لم يتدارك نفسه قبل فوات الأوان، والله أعلم وأحكم.
¥