الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
الشيخ الكريم
قال تعالى:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} (الإسراء:23)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ "
والخطاب في الآية الكريمة والحديث الشريف موجه للمكلف البالغ العاقل، أيا كان عمره أليس كذلك، فقد يبلغ أحد الوالدين الكبر والابن مراهق لم يبلغ العشرين، فهل يخرج بذلك من الحد الذي حده الخطاب، طبعا وكما هو معروف لا يخرج؟
قال الماوردي:
" {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} فيه وجهان:
أحدهما: يبلغن كبرك وكما عقلك.
الثاني: يبلغان كبرهما بالضعف والهرم." أهـ
وما قاله الماوردي يرد عليه ما قلته سابقا من أن الوالدين قد يبلغا الكبر والابن في الثامنة عشر مثلا، وكان ولا زال من هم في السادسة عشر أو السابعة عشر تناط إليهم مهام عظام وتوكل إليهم، وهذه النقطة أشرت إليها للدلالة على كمال العقل، هذا طبعا إن قصد الماوردي من قوله (كبرك) التقدم في السن أكثر.
أما بالنسبة لحالنا اليوم،فحالنا هو الذي يحتاج لمراجعة ووقفة مع بعض جوانبه كالمناهج والإعلام وطريقة التربية التي تقزم الأبناء وتؤخر الثمرة المرجوة منهم، والتي تساعدهم في خدمة أنفسهم ومجتمعهم، فوا أسفي على هذا الجيل إلا من رحم الله فلن تخلوا بإذن الله لأنها لن تخرب كما أراد الله تعالى.
*وفي ما قاله ابن عاشور تأكيد لما قلته وهو فيما يلي والله أعلم وأحكم:
"والخطاب ب {عندك} لكل من يصلح لسماع الكلام فيعم كل مخاطب بقرينة سبق قوله: {ألا تعبدوا إلا إياه}، وقوله اللاحق {ربكم أعلم بما في نفوسكم} [الإسراء: 25].
وقال:
والخطاب لغير معين مثل قوله: {إما يبلغن عندك الكبر} [الإسراء: 23].
والعدول عن الخطاب بالجمع في قوله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين} [الإسراء: 25] الآية إلى الخطاب بالإفراد بقوله: {وآت ذا القربى} تفنن لتجنب كراهة إعادة الصيغة الواحدة عدة مرات، والمخاطب غير معين فهو في معنى الجمع. والجملة معطوفة على جملة {ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: 23] لأنها من جملة ما قضى الله به.
وقال:
{وبالوالدين} متعلق بقوله؛ {إحساناً}، والباء فيه للتعدية يقال: أحسن بفلان كما يقال أحسن إليه، وقد تقدم قوله تعالى: {وقد أحسن بي} في سورة [يوسف: 100]. وتقديمه على متعلقه للاهتمام به، والتعريف في الوالدين للاستغراق باعتبار والدي كل مكلف ممن شملهم الجمع في ألا تعبدوا}." أهـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم (أبو الأشبال)، شاكرا لك كريم التأصيل، مقدراجميل التنبيه المثمر بإذن الله، مثمنا قوة الاستشعار وإدراك المسؤلية المحققة للمناط في عموم آيات البر، بما ينعكس - حال تفعيلها من الجميع- في رقي المجتمعات الإسلامية بما يتوازى في تكامل ديناميكي والتعاليم الشرعية السامية.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[19 Jun 2009, 10:30 ص]ـ
لا أدري يا شيخ محمد لماذا لم أتشرف بالإشراف العلمي على أمثالك، فلو كان الأمر بيدي لمنحتك الدرجة على فقرة مما تكتب فضلا عن موضوع أو موضوعات دون التقيد بشيء علمي آخر.
وبعد استيعاب ما تفضلت به أقول:
لو وُزنَّا بمنطق الأفِّ من كونه يدخل النار مع الفجار ما دخل واحد منا الجنة، ولقيدتُ على رأس المطلوبين إلى النار والعياذ بالله.
كما أنه لا يخال على حصافتكم أنكم أتيتم بالبراهين والحجج التي تبين أن الإصرار وعدم الاكتراث بمقام الوالدين عليهما مدار العقاب.
¥