ثم إن المعنى قد يكون صحيحا والقصد باطلا، ومن هذا الباب الكلمة المشهورة من قول علي رضي الله عنه: "كلمة حق أريد بها باطل" فمعنى ما قالوه من تحكيم الشرع معنى صحيح في نفسه، لكن عارضه قصد باطل.
فالقصد إذا هو الذي يضمن لنا سلامة المعنى، ومقاصد كل كلام بحسبه.
والله أعلم.
ـ[بديع الزمان الأزهري]ــــــــ[29 Jul 2009, 11:22 م]ـ
شكر الله لكم استاذنا الفاضل
ان كلامكم عن فكرة القصد من الكلام التى اعتبرها الماتريدى رحمه الله وجعل التفسير مبنيا على اساسها أو هى على الاقل معلم من معالم منهجه فى التفسير نبهنى الى طريقة يذكرها الماتريدى كثيرا فى تفسيره للايات ويستخدم فى ذالك لفظة (التخريج) فيقول مثلا: يخرج على العتاب أو يخرج على التوبيخ أو التذكير ويذكر ما أسميته أنا خلال قراءتى لتفسيره تأويل التأويل أى ما يؤول اليه الكلام بعد تفسيره ....
ولإكمال هذه المدارسة الممتعة أسألكم -سيدى - سؤالين:
الاول:
قلتم فضيلتكم: فالماتريدي رحمه الله بهذا البيان، يحيلنا على كيفية فهم الدلالة من آي الكتاب، وعلى أي وجه تكون، كما يحيلنا على آلية مهمة جدا، وهي معرفة القصد، الذي بموجبه تتأطر عملية الدلالة وتستقيم.
ومما يساعد على هذا المذهب: أن الماتريدي يعرف التفسير بأنه: [القطعُ على أن المرادَ من اللفظ هذا، والشهادةُ على الله سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّفظِ هذا]
وكأني به في كتابه التفسير، يؤصل لكيفية استنباط الدلالة على وجه يحصل معه القطع، ولما كان ذلك غير ممكن اعتمادا على التراكيب اللغوية فقط،
الا ترى معى استاذنا أن معرفة قصد المتكلم أمر نسبى جدا - وفيه قدر كبير من الاجتهاد واعمال العقل - بخلاف الظاهر الذى يبنى على قواعد ودلالات لغوية معلومة فالقطع بالمعنى بمجرد الظاهر أوثق منه بناء على فكرة قصد المتكلم، فكيف يؤصل لكيفية استنباط الدلالة على وجه يحصل معه القطع مع ذالك؟
الثانى: اذا اردنا التوسع فى فكرة قصد المتكلم وأهميتها فى فهم المراد بحيث يكون فهمك السامع مطابقا للواقع ونفس الأمر .. فما المراجع التى يمكن الرجوع اليها غير المراجع اللغوية؟
لك تحياتى واحترامى
ـ[عدنان أجانة]ــــــــ[12 Aug 2009, 02:19 ص]ـ
معرفة قصد المتكلم ليس بالأمر النسبي جدا كما ذكرتم، بل هو إلى الضبط والظهور أقرب منه إلى الخفاء والنسبية.
وبيان ذلك ان معرفة قصد المتكلم هو الغرض الأعلى الذي يسعى إليه من يفسر نصا معينا، ومثال ذلك من التفسير، أن المفسر لكي يصل إلى المقصود من الآية، فهو ينظر في ألفاظها وتراكيبها، وما يستدعيه ذلك من النظر في النحو واللغة ومناهج الاستنباط. لكن أهم ما يفعله، أو ينبغي أن يفعله المفسر، هو التنبه إلى المفردات التي ذكرت في الآية، ودلالتها في القرآن كيف هي؟ أي كيف يستعملها القرآن؟ [واعتبر في هذا الباب بفن الأشباه والنظائر] مع استصحاب مقاصد القرآن، ومناسبات الآيات.
وأنت خبير بأن مثل هذا النظر، كفيل أن يوصل الناظر إلى مقصود القرآن، ضامن مصداقية أوفر للتفسير، وحظا أكبر من السداد.
بمعنى آخر: أن مقصود المتكلم، يساعد في فهمه عناصر متعددة، لغوية ومقامية، تعمل مجتمعة على رصد المقصود، وبيان المراد. واجتماع هذه العناصر هو الذي يعطيها قوة القطع.
أما إذا أردتم التوسع فى فكرة قصد المتكلم وأهميتها فى فهم المعنى. فإنك واجد من كتب الأصول وعلوم القرآن أبوابا تعينك على هذا، كما أن الكتب المؤلفة في هذه المباحث مفيدة مثل كتاب:
مقاصد القرآن للدكتور عبد الكريم حامدي.
وإن شئت أن تستعين بما كتب في هذا المجال في الدراسات اللسانية المعاصرة، فأفضل من وقفت له على بحث في هذا المجال: الدكتور محمد محمد يونس علي في كتابه "علم التخاطب الإسلامي" ففيه فصل نافع عن هذا الموضوع بخصوصه. كما يمكن أن تستعين بما كتبه "بول غرايس" أيضا في نظرية الاستلزام التخاطبي، فهي مفيدة في هذا الباب.
لكن مراجع الأصول وعلوم القرآن، هي الأقرب لموضوعك لأنها تتحدث عن مقاصد القرآن وطرائق خطابه بالأساس.
ودمتم بخير.
ـ[بديع الزمان الأزهري]ــــــــ[22 Aug 2009, 12:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا الاستاذ الدكتور الفاضل
فقد استفدت من المدارسة معكم .. وقد وجدت جزءا كبيرا من بغيتى حول فكرة قصد المتكلم مما سطره علماؤنا رحمهم الله فى علم المعانى خاصة عند حديثهم عن الخبر وأغراض الخبر وأضربه والانشاء بنوعيه الطلبى وغير الطلبى وما يتضمنه من أمر ونهى واستفهام والاغراض البلاغية لكل منها .. الخ .. وبالجملة فعلم المعانى تكفل بهذه المهمة على أحسن ما يكون أما الدراسات اللسانية المعاصرة فما زلت أطالع فيها وان كنت أشك فى اتيانها بجديد عما سطر فى علم المعانى .. ولله الحمد أولا واخرا ..
ولكم منى أجمل التحية مع رجاء التواصل معكم فى مدارسات أخرى
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال
ورمضان كريم
¥