تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد وجدتك - أيها الأستاذ الشيخ - تثني على شيخ الأزهر في مقالة لك سنة 1940، وتقول: " وقد كتب الأستاذ الزيات ... يطالب الأزهر بالرجوع إلى المنابع الأولى للدين واللغة والأدب والعلم ... نعم إن الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر لم يقصِّر في اجتهاده أن يجعل الأزهر مثابة للعلم الصحيح، ولم يتخلَّف عن النصيحة له بما توحي به الرغبة الصادقة في تحريره من آصار قديمة عاقته عن بلوغ غايته التي يحق له أن يبلغها. فقد وضع الأستاذ الأكبر من عشر سنين نظامه الجديد للكليات في الأزهر ... وأمدَّ هذه الكليات العالية في دراستها لما خُصصت له بالكتب الأصول المعتمدة في بابها، ككتاب سيبويه، وخصائص ابن جني، وسر صناعة الإعراب لابن جني، وتصريف المازني، وكتاب فيلسوف النحو رضي الدين الإسترباذي صاحب شرح الشافية، وشرح الكافية، وهما عمدة أصحاب النحو والتصريف. وكذلك جُعلت كتب عبد القاهر دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، وكتاب الصناعتين لأبي هلال، وأدب الكاتب والكامل والأمالي، وغير هذه من أصول الأدب واللغة هي مادة الدراسة في هذه الكليات " (جمهرة مقالاته 1/ 158 - 159).

وشيخ الأزهر في تلك الأيام التي يذكرها الشيخ شاكر هو الإمام محمد مصطفى المراغي، أحد تلاميذ الشيخ محمد عبده، وما يثني عليه الشيخ شاكر سنة 1940 من عمل شيخ الأزهر هو ما دعا إليه الأستاذ الإمام محمد عبده، وجاهد في سيبله، ولقي ما لقي حيًّا وميتًا!!

(5)

ما كان العلامة محمود محمد شاكر إلا مخطئًا في رأيه في الأستاذ الإمام - رحمهما الله، وأحسن إليهما - ولم يكن الشيخ شاكر معصومًا، ولا ادَّعى ذلك لنفسه، ولا حَجَر على أحد أن يخالفه، وأن يقول بخلاف قوله، وأن ينسب الخطأ إليه، وقول الشيخ محمد رشيد رضا أولى من قوله، وهو الذي صحب وصافح، وشافه وشاهد، وسمع ورأى، وسأل وأجاب، وعاين وراجع، ومبدأ صحبته للإمام سنة 1315=1897، ووفاة الإمام سنة 1323=1905، فتلك ثمان سنوات، وعاش بعده إلى سنة 1354=1935، وهذا نحوٌ من ثمان وثلاثين سنة، لم يغيِّر فيه رأيه، ولا بدَّل فيه اعتقاده.

ورأيه فيه، ومنزلته منه، بيَّنها شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق - رحمه الله، وهو من تلاميذ الإمام أيضًا - بقوله: " أول من ترجم للشيخ محمد عبده، وعُني بنشر آثاره، هو السيد محمد رشيد رضا، والسيد محمد رشيد رضا هو أول من لقَّب الشيخ محمد عبده بالأستاذ الإمام، وهذا اللقب نفسه ينبئ عن الصورة التي أراد أن يرسمها السيد رشيد لشيخه فيما كتب عنه، وينبئ بالفكرة السائدة في وجهة نظر التلميذ إلى أستاذه. الشيخ محمد عبده عند السيد رشيد رضا: إمام من أئمة الإسلام، وله في الدين مذهب يقوم أصحابه على روايته وتدوينه كما قام أصحاب أبي حنيفة والشافعي وغيرهما على ما لأولئك الأئمة من مذاهب. وإذا كان الشيخ محمد عبده إمامًا في الدين فالسيد رشيد رضا لا شك صاحبه ومفسر مذهبه ومكمله، وقد بذل صاحب المنار - رحمة الله عليه - في هذه الناحية مجهودًا ضخمًا حافلاً بالمباحث الدينية، والمناقشات الفقهية، وكان لهذا المجهود العظيم أثر غير ضئيل في طلاب العلوم الدينية ومن إليهم، وفي توجيه الدراسات الشرعية في بلاد الإسلام المختلفة " (مجلة الرسالة 9/ 7/1945).

ويقول الأستاذ الإمام في منزلته منه: " إن الله بعث لي بهذا الشاب ليكون مددًا لحياتي، ومزيدًا في عمري، إن في نفسي أمورًا كثيرة أريد أن أقولها أو أكتبها للأمة، وقد ابتليت بما شغلني عنها، وهو يقوم ببيانها كما أعتقد وأريد، وقد رأيت في سفري من آثار عمله، وتأثير مناره، ما لم أكن أظن ولا أحسب، فهو قد أنشأ لي أحبابًا، وأوجد لي تلاميذ وأصحابًا " (النهضة الإسلامية في سير أعلامها للبيومي 1/ 244).

(6)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير