وهنا لا بد أن نقرر هذه الحقيقة المهمة، أن علم التفسير من حيث الأغلب قائم على الرأي والاجتهاد، والدليل على ذلك استقراء تفسير السلف، ولعل هذه المقدمة مهدت لنا الطريق في الشروع في بيان أولى محطات تاريخ التفسير المعني بيانه وهي مرحلة العهد النبوي.
?العهد النبوي
كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين الأول لفهم القرآن يدلنا على ذلك قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقد بين لهم ما يحتاجون لبيانه وهو التفسير المجمل فيما يتعلق بالأحكام العامة، أما تفسير القرآن وبيان معانيه لفظة لفظة فلم يكن ذلك من منهجه صلى الله عليه وسلم.
? وأنواع التفسير في العهد النبوي:
1ـ إما بنص صريح مباشر.
2ـ نصب دلالة عليه (جملة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن)
والنص الصريح المباشر نوعان:
أ ـ يبتدئهم هو عليه الصلاة والسلام بالتفسير، مثاله:
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه بسنده عن النبي ? قال (قيل لبني إسرائيل {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة}. فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة)
البخاري: عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ». فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ).
روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ. قَالَ «إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِى فَقَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ)
بـ سؤالات الصحابة:
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) قَالَ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ». أطرافه 3199، 4802، 7424، 7433 - تحفة 11993
وبسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ». طرفه 4898 - تحفة 12917 - 189/ 6
¥