أولهما: صرف نظر المؤمنين لما هو أهمّ من الغنائم ألا وهو الجهاد في سبيل الله وتربيتهم على معنى الجهاد فليست الغنائم هي الهدف بحد ذاتها وإنما الهدف هو الجهاد في سبيل الله، فبعد أن جاءت الاية الأولى بالسؤال عن الأنفال ترك الإجابة عليه وتحدثت الآيات عن الجهاد ثم بعد أربعين آية ذكر الإجابة على سؤالهم.
وثانيهما: تأديب المؤمنين على معنى التسليم لله ورسوله فإذا قال الله تعالى (قل الأنفال لله ورسوله) فهذه تكفي المؤمنين لأن يسلموا لله ورسوله.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[02 Sep 2009, 07:10 م]ـ
الجزء الحادي عشر
قال تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... ثم تاب عليهم) [التوبة: 117] ما الذي يفيده حرف (ثم) هنا؟ وما معنى التوبة في كل موضع؟
جملة (ثم تاب عليهم) عطف على جملة (لقد تاب الله) أي تاب على غير هذا الفريق مطلقاً، وتاب على هذا الفريق بعد ما كادت قلوبهم تزيغ، فتكون (ثم) على أصلها من المهلة. وذلك كقوله في نظير هذه الآية: (ثم تاب عليهم ليتوبوا). والمعنى تاب عليهم فأهموا به وخرجوا فلقوا المشقة والعسر، فالضمير في قوله: (عليهم) للـ (فريق).
وجوز كثير من المفسرين أن تكون (ثم) للترتيب في الذكر، والجملة بعدها توكيداً لجملة (تاب الله)، فالضمير للمهاجرين والأنصار كلهم.
والمقصود من التوبة عليهم في الموضعين هو أنه تعالى قد غفر لهم ولم يؤاخذهم بما قد يحسبون أنه يسبب مؤاخذة.
قال تعالى: (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ... ) [التوبة: 126] ما لمراد بالفتنة هنا؟
معنى (أنهم يفتنون) أن الله يسلط عليهم المصائب والمضار تنال جماعتهم مما لا يُعتاد تكرر أمثاله في حياة الأمم بحيث يدل تكرر ذلك على أنه مراد منه إيقاظ اللّه الناس إلى سوء سيرتهم في جانب الله تعالى، بعدم اهتدائهم إلى الإقلاع عما هم فيه من العناد للنبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لو رزقوا التوفيق لأفاقوا من غفلتهم، فعلِموا أن ما يحل بهم كل عام ما طرأ عليهم إلا من وقت تلبسهم بالنفاق.
ولا شك أن الفتنة التي أشارت إليها الآية كانت خاصة بأهل النفاق من أمراض تحل بهم، أو متالف تصيب أموالهم، أو جوائح تصيب ثمارهم، أو نقص من أنفسهم ومواليدهم؛ فإذا حصل شيئان من ذلك في السنة كانت الفتنة مرتين.
قال تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم ... ) [يونس: 10] لماذا جاء الاقتصار على هذه الأمور الثلاثة؟ وما المراد بهذه الآية؟
الاقتصار على كون دعواهم فيها كلمة (سبحانك اللهم) يشعر بأنهم لا دعوى لهم في الجنة غير ذلك القول، ولكن قوله: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يفيد أن هذا التحميد من دعواهم، فتحصل من ذلك أن لهم دعوى وخاتمة دعوى.
ووجه ذكر هذا في عدد أحوالهم أنها تدل على أن ما هم فيه من النعيم هو غايات الراغبين بحيث إن أرادوا أن ينعَموا بمقام دعاء ربهم الذي هو مقام القرب لم يجدوا أنفسهم مشتاقين لشيء يسألونه فاعتاضوا عن السؤال بالثناء على ربهم فألهموا إلى التزام التسبيح لأنه أدل لفظ على التمجيد والتنزيه، فهو جامع للعبارة عن الكمالات.
ووجه ذكر تحيتهم في هذه الآية الإشارة إلى أنهم في أنس وحبور، وذلك من أعظم لذات النفس.
ومعنى (آخر دعواهم) أنهم يختمون به دعائهم، فهم يكررون: (سبحانك اللهم) فإذا أرادوا الانتقال إلى حالة أخرى من أحوال النعيم أنهوا دعائهم بجملة (الحمد لله رب العالمين).
جعلني الله وإياكم منهم .. اللهم آمين.
ما وجه التفرقة بين قوله تعالى: (ومنهم من يستمعون إليك) [يونس: 42] وقوله: (ومنهم من يَنظر إليك) إذ جيء بضمير الجمع في الأول وبضمير المفرد في الثاني؟
الوجه أن كلا الاستعمالين سواءٌ في مراعاة لفظ (من) ومعناها، فلعل الابتداء بالجمع في صلة (مَن) الأولى الإشارة إلى أن المراد بـ (من) غير واحد معيَّن وأن العدول عن الجمع في صلة (من) الثانية هو التفنن وكراهية إعادة صيغة الجمع لثقلها لا سيما بعد أن حصل فهم المراد، أو لعل اختلاف الصيغتين للمناسبة مع مادة فعلي (يستمع) و (ينظر). ففعل (ينظر) لا تلائمه صيغة الجمع لأن حروفه أثقل من حروف (يَستمع) فيكون العدول استقصاء لمقتضى الفصاحة.
قال تعالى: (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن) [يونس: 66] ما نوع (ما) هنا؟ وكيف يكون المراد بالآية؟
¥