في سورة الزمر المكية قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قيل أنها نزلت في وحشي قاتل حمزة بأحد عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما في المدينة، وقد استدل من قال ذلك بما رواه الطبراني في المعجم الكبير، وذلك فيه نظر للآتي:
- من الممكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تلاها تلاوة عند إسلام وحشي، أما أن تكون قد نزلت – وهي في سورة مكية - في هذه الحادثة فهو أمر مستبعد؛ خاصة وأن البخاري قد أورد في سبب نزولها قصة أخرى وقعت بمكة ولم يذكر فيها وحشي؛ ومعلوم أن وحشي قد أسلم بعد الهجرة بزمان؛ ورواية البخاري هي: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) وَنَزَلَتْ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) - يقول ابن عاشور: (ما نشأ القول بأنها مدنيّة إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة)
في سورة الجاثية:-
في سورة الجاثية المكية قوله تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ) الذي قيل إنه آية مدنية ونزلت في فنحاص اليهودي أو عبد الله بن أبي المنافق؛ وذلك فيه نظر للآتي:
- هاتان الروايتان رغم ورودهما في التفاسير كثيراً إلا إنهما لم تردا في كتب الحديث.
- سورة الجاثية التي وردت فيها هذه الآية مكية؛ فكيف تنزل الآية بمكة قبل أسبابها التي وقعت بالمدينة
- أقرب الأسباب لنزول هذه الآية هي أن رجلاً من المشركين بمكة شتم عمر بن الخطاب فَهَمّ أن يبطش به، رغم أن هذه الرواية الأرجح نفسها- كما ذهب بعض العلماء- غير صحيحة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 12:34 ص]ـ
الآيات المختلف فيها بالسور المدنية:
هنالك بعض الآيات التي ذهب بعض العلماء إلى أنها مكية رغم كونها في سور مدنية؛ ومن ذلك الآتي:
في سورة البقرة:
ذهب الماوردي إلى أن قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) آية مكية، رغم كونها في سورة البقرة؛ فهي قد نزلت يوم النحر في حجة الوداع وهذا يدل على إعادة الترتيب، ولكن ذلك فيه نظر؛ إذ أخذ الماوردي بالاعتبار المكاني فحسب، وذلك غير صحيح؛ لأن المدني هو ما نزل بعد الهجرة، ونزول هذه الآية بمكة لا يخرجها عن القرآن المدني إطلاقا وما ذهب إليه الماوردي شاذ والعلماء على خلافه.
في سورة النساء:
ذهب الماوردي أيضاً إلى أن قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) آية مكية؛ رغم ورودها في سورة النساء المدنية؛ إذ نزلت عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة ويعطيها العباس فنزلت و لهذا شذ النحاس فذهب إلى أن هذه السورة كلها مكية ونزول هذه الآية المتأخرة بمكة لا يخرجها عن القرآن المدني.
سورة الأنفال:
ذهب السيوطي إلى أن قوله تعالى في الأنفال المدنية: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) يعني به أهل مكة، وأنه لا يعذبهم حتى يخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم، ولذلك فالآية عنده مكية ورغم أن الجزء الأول من كلام السيوطي صحيح؛ إلا أن قوله أن "الآية مكية" فيه نظر؛ وذلك للآتي:
- من الواضح جدا أن الآيات تحكي ما وقع في الماضي في مكة؛ وهي تبدأ بـ"إذ" التي تعني: واذكر إذ حدث كذا وكذا من كيد الكفار بمكة.
¥