تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- كون هذه الآية مكية أمر مستبعد لتباعد الفترة بين نزولها وموت أبي طالب؛ يقول الحسن بن الفضل: (هذا بعيد؛ لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة) لكن من الممكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وهو الوفي الذي لا ينسى المعروف قد ذكر عمه وإحسانه إليه فاستغفر له بالمدينة فنزلت الآية بهذا السبب.

- يبدو من خلال حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالاستغفار لعمه في مكة حتى نهي عن ذلك بالمدينة؛ ونص الحديث هو: (َلمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ؛ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ .... )

- جاء في سنن الترمذي ومسند أحمد سبب آخر: (عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقُلْتُ لَهُ أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقَالَ أَوَلَيْسَ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ (ويبدو أن هذا السبب أكثر انسجاماً مع نص الآية لجمعه بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم ونهي المؤمنين كما جمعتهما الآية (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)

- يقول ابن حجر (نُزُول هذه الْآيَة الْمُتَعَلِّقَة بِالِاسْتِغْفَارِ فِي أَبِي طَالِب فِيهِ نَظَر ويَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد أَنَّها نَزَلَتْ بَعْده بِمُدَّةٍ، وَلكنها عَامَّة فِي حَقّه وَفِي حَقّ غَيْره)

- هنالك سبب ثالث يعضد السبب السابق ويؤكد أن هذه الآية مدنية؛ فقد روى الحاكم والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استأذن ربه في زيارة أمه والاستغفار لها؛ فأذن له بالزيارة ولم يأذن له بالاستغفار؛ فنزلت هذه الآية، وفي رواية الطبراني: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَقْبَلَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ وَاعْتَمَرَ، فَلَمَّا هَبَطَ مِنْ ثَنِيَّةِ عُسْفَانَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْتَنِدُوا إِلَى الْعَقَبَةِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ، فَذَهَبَ فَنَزَلَ عَلَى قَبْرِ أُمِّهِ ...... ) وفي رواية للطبراني: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن زَيْدِ بن الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ نَحْوَ الْمَقَابِرِ فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَبْرٍ ...... ) وغزوة تبوك كانت سنة تسع من الهجرة وفتح مكة كان في السنة الثامنة وعلى الروايتين فالآية مدنية كسورتها، ثم إن رواية الطبراني عن ابن عباس ورواية البيهقي عن أبي هريرة وقد كان عمر ابن عباس عند الهجرة ثلاث سنوات وأبو هريرة أسلم سنة سبع للهجرة وهذا من الأمور المعضدة لكون الآية مدنية، ومعلوم أن قبر أم النبي صلى الله عليه وسلم بـ"الأبواء" في الطريق بين مكة والمدينة، يقول ابن حجر: (يحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير