[تحزيب القرآن، في التلاوة وفي المصحف]
ـ[أم أسماء]ــــــــ[14 Aug 2009, 10:54 م]ـ
مصطلح التحزيب يتناول القرآن العزيز مقروءاً ومكتوباً معاً، فالتحزيب والتجزئة يكونان في التلاوة و يكونان في المصحف ..
فيعني التحزيب في التلاوة: أن يجعل القارئ لنفسه وِرداً معيّناً من القرآن يقرؤه كل يوم.
ويعني التحزيب في المصحف: ما يجعله نسّاخ المصاحف من رموز في حاشية المصحف إشارةً إلى أجزائه الثلاثين التي اشتهرت قسمة الكتاب العزيز بها.
إن تحزيب القرآن هو من السنن المهجورة في هذه الأيام عند طلبة العلم فضلاً عن غيرهم من الناس، وانصراف العامة والخاصة إلى التحزيب المُحدَث – الذي لامراعاة فيه لمعاني القرآن - في حِلق تعليم القرآن وفي المناهج التعليمية وفي الصلاة؛ الأمر الذي ترتب عليه غفلة الكثير منهم عن معاني القرآن عند الوقف والابتداء، وعدم مراعاتهم هذا الأدب المهم من آداب التلاوة، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (وكانت السورة تنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها، وماينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم .. ) قال النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن.
والمتأمل في سير سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان يجدهم – رغم المهام الجسام المناطة بهم – يحافظون على وردهم من كتاب الله تعالى تلاوةً وتدبراً،
وكان تحزيب القرآن عندهم أمراً متواتراً ومعلوماً، فقلّما تقرأ في ترجمة أحدهم إلا وتجد أنه كان يختم القران في كذا وكذا.
أما أحوال غالب أهل زماننا فإنها تتسم بالتقصير والتفريط في تلاوة القرآن وملازمة ذلك والمداومة عليه؛ حتى أضحى تحزيب القرآن من السنن المهجورة – بل والمجهولة – عند كثير من طلاب العلم فضلاً عن عامة الناس، و الأمر الذي جعلهم كذلك هو ضعف الإيمان الناتج عن تتبع الشهوات،وغلبة الهوى، وشدة التعلق بالدنيا والتلهي بها، مع وجود المحافظين على كتاب الله تعلماً وتعليماً وقراءةً وعملاً.
وإذا نظرنا إلى الوحيين نجد وفرة من الآيات القرآنية وكثرة من الأحاديث النبوية تحث على تلاوة القرآن تلاوةً مستمرةً على سبيل المداومة:
قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور- ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور)
في هذه الآية مدح للذين يداومون على قراءة كتاب الله، وجاء وصفهم بالفعل المضارع (يتلون) لإفادة المداومة والاستمرار.
وكان مطرف بن عبدالله يسمي هذه الآية: آية القرّاء ..
وقال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة: طعمها طيب وريحها طيب .. )
وقوله عليه الصلاة والسلام: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)
كل هذه النصوص وغيرها تدلنا دلالة واضحة على أهمية المداومة على تلاوة القران الكريم، والأجر العظيم المترتب عليه، ولذلك رأينا الحرص الشديد من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن بعدهم على ذلك في صلاة أو في غير صلاة.
ـ[أم أسماء]ــــــــ[14 Aug 2009, 11:01 م]ـ
معنى (الجزء) و (الحزب) و (الوِرد):
قال الإمام السخاوي رحمه الله: (يقال:أجزاء القرآن والأحزاب والأوراد بمعنى واحد).
معنى الجزء:
الجُزْء: البَعْضُ والجمع أَجْزاء، وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كلاهما جَعله أَجْزاء وكذلك التجْزِئةُ، والجُزْءُ في كلام العرب النَّصِيبُ وجمعه أَجْزاء، الجُزْءُ النَّصِيبُ والقِطعةُ من الشيء.
والجزء من المصحف يطلق ويراد به أمران:
أولهما: ما جرت عليه عادة نساخ المصاحف من وضع رموز في حاشية المصحف للدلالة على أجزاء المصحف الثلاثين التي اشتهرت القسمة إليها.
ثانيهما:تفريقه في كراريس بعدد أجزائه الثلاثين، بحيث تطبع مستقلة تيسيراً على صغار التلاميذ.
معنى الحزب:
الحِزْبُ: الوِرْدُ. وقد حَزَّبْتُ القرآن، والحِزْبُ: الطائفة.
والحزب من القرآن: هو طائفة من القران يختلف مقدارها في عرف السلف عنه في عرف الخلف.
وسيرد معنا أن التحزيب نوعان:
- تحزيب السور، وهو تحزيب الصحابة ومن بعدهم من السلف.
- تحزيب الحروف، وهو التحزيب المحدث الذي عليه مصاحفنا الآن.
معنى الوِرد:
الوِرْد بالكسر: الجُزْءُ من القرآنِ ويقال: لفُلانٍ كُلَّ ليلةٍ وِرْدٌ مِن القُرآنِ يَقْرَؤُه أَي مِقْدَارٌ مَعلُومٌ إِمَّا سُبْع أَو نِصف السَّبْعِ أَو ما أَشْبَه ذلك قَرَأَ وِرْدَه وحِزْبَه بمعنًى واحِدٍ.
أقل مدة لختم القرآن وأقصى مدة:
أقل مدة يختم فيها القارئ القرآن هي ثلاث ليالٍ؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لايفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
أما أقصى مدة للختم فقد قال ذهب إسحاق بن راهويه وبعض الحنابلة إلى أن أقل مايجزئ من القراءة كل يوم وليلة جزء من أربعين جزءاً من القرآن.
قال إسحاق: (ولا نحب للرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين يوماً ولم يقرأ القرآن لهذا الحديث)
¥