تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في علم عد الآيات (الحلقة الأولى)]

ـ[كامل]ــــــــ[09 Feb 2010, 10:26 م]ـ

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، وصلى الهل وسلم على رحمة الله للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلى كل من تبعه وسار على منهاجه إلى يوم الدين. أما بعد:

فإن أفضل ما يتسابق فيه المتسابقون، ويتنافس فيه المتنافسون، دراسة علوم الكتاب المكنون، معجزة الدهور، وآية العصور.

وقد أقبل علماء الأمة – سلفاً وخلفاً – على النهل من مورده العذب الزلال، والتأليف والتصنيف في علومه، وتناولها بالبحث والدراسة.

ولا شك أن من علومه الرفيعة الجليلة (علم عدد آي القرآن) فتعلمه وتعليمه أثر عنه، ومنه تلقاه صحابته الكرام، وعنهم أخذه الأتباع الأعلام.

وقد قدّم علماؤنا فيه مؤلفات كثيرة، ومصنفات وفيرة ما بين مطول ومختصر، ومنظوم ومنثور، وتباينت آراؤهم في بعض المسائل العلمية، وكل أدلى برأيه وبما يظهر له فيها.

وقد رأيت أن أنضم إلى ركبهم، وأشرُف بتقليدهم، وألقي الضوء على جهودهم، ومحاولة بيان الراجح من قيلهم.

وتناولت في هذا البحث الذي أسميته (تأملات في علم عد الآيات) عدة مسائل وعناصر جمعت فيها ما استطعت إليه سبيلاً من أقوالهم ونقولاتهم، والإشادة بمؤلفاتهم، والإشارة إلى مناهجهم.

أهمية الموضوع:

لا يخفى على كل ذي بصيرة أهمية هذا العلم الشريف، ويكفي أنه يتصل بأشرف كتاب منيف، وما يتعلق بهذا العلم من مسائل فقهية وأدائية، يقول الهذلي في كتابه الكامل:

(اعلم أن قوماً جهلوا العدد وما فيه من الفوائد، حتى قال الزعفراني: العدد ليس بعلم وإنما اشتغل به بعضهم ليروِّج به سوقه+ قال: وليس كذلك، ففيه من الفوائد معرفة الوقف، ولأن الإجماع انعقد أن الصلاة لا تصح بنصف آية، وقال جمع من العلماء: تجزئ بآية، وأخرون: بثلاث آيات، وآخرون: من سبع، والإعجاز لا يقع بدون آية، فللعد فائدة عظيمة في ذلك) (1).

وقد أشار إلى هذه الفوائد غير واحد ممن ألفوا في علوم القرآن، وإن كان المقصد من بحثي هو مناقشة مسائل معينة هي محط خلاف بين أهل العلم، وإلقاء الضوء على مؤلفاتهم التي قل الرجوع إليها والاعتماد عليها عند كثير من المتأخرين، والاكتفاء ببعض الكتب المختصرة غير الوافية، فرأيت الكتابة في هذا الموضوع لأهميته وضرورته.

خطة البحث في الموضوع:

ظهر لي أن أقسم البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث هي:

المبحث الأول: تعريف الآية والفاصلة والفرق بينهما.

المبحث الثاني: أسماء هذا الفن.

المبحث الثالث: كيفية معرفة رأس الآية.

المبحث الرابع: مناهج التأليف في علم عد الآي.

المبحث الخامس: مناهج التأليف في هذا العلم الشريف.

ثم الخاتمة والفهارس العلمية.

المبحث الأول

تعريف الآية والفاصلة والفرق بينهما

[أ] الآية:

تطلق الآية في اللغة: على عدة معان منها: العلامة والعبرة والجماعة والمعجزة (2).

أما في الاصطلاح: فقد وردت عدة تعريفات لمعنى الآية تفاوتت طولاً وقصراً، فنجد مثلاً أن الداني (ت444هـ) يعرف الآية بقوله:

(الآية العلامة أي: أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها من الذي بعدها وانفصالها، وتقول العرب: بيني وبينك آية، أي: علامة. ومن ذلك قوله تعالى: (إن آية ملكه) أي: علامة.

وأنشدنا النابغة:

توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابعُ

أي: علامات.

وقيل: سميت آية؛ لأنها جماعة من القرآن وطائفة منه، يقال: خرج القوم بآيتهم: أي بجماعتهم.

ثم تبع كلامه بالحديث عن اشتقاق كلمة =الآية+ لغوياً وخلاف العلماء في ذلك (3).

والمتأمل في كلام الداني – رحمه الله – يجد أنه وظّف معنى الآية في اللغة لتعريفها اصطلاحياً وإن لم يصرح بذلك.

ويمكن الخروج من كلامه بتعريف للآية وهو =جماعة من القرآن وطائفة منه تُعلِم بانقطاع الكلام الذي قبلها من الذي بعدها، وانفصالها يعجز البشر عن التكلم بمثلها).

أما العلامة إبراهيم الجعبري (ت732هـ) فيعرف الآية كما في كتابه (حسن المدد في فن العدد) بقوله: (وجه الآية قرآن مركب من جمل ولو تقديراً، ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة) (4).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير