تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وفاة الشيخ حسن بيومي]

ـ[كامل]ــــــــ[15 Aug 2009, 11:17 م]ـ

لك الحمد ربَّنا حكمت فعدلتَ، وما شئت أنفذتَ، لا رادَّ لقضائك، ولا ملجأ من ورائك، بيدك عقد كل شيء وحلُّه، وإليك يرجع الأمر كلُّه. أما بعد: فأيها السادة القراء:

بينما أنا جالسٌ في بيتي، أقلِّب صفحاتِ بعضِ الكتب، وإذا بالهاتف المحمول يرنُّ وإذا بي أنظر إلى الشاشة لأرى رقمًا من أرض مصر التي إلى أحبابي فيها أحنُّ. وإذا بالرجل المتصل (وهو أحد الشيوخ والعلماء الأفاضل) صوتُه حزينٌ، ونبراته ترتعد، وعباراته تذهب وتجيء بالعبرات، ليخبرني بوفاء أحد الشيوخ الفضلاء، والأساتذة النجباء، الذي صحبته سبع سنين. كنت فيها له تلميذا وخادما وأخا وصديقا، وما تمالكت نفسي إلا بالاسترجاع والدعاء له بالرحمة تفيض بالعبرات والدموع، وإذا بالخبر ينتشر في بيتنا لأجد إخوتي يبكون وكأن الفقيد واحد منا، نعم لقد عرفوا الشيخ الفقيد منذ سنوات، يزورنا ويجلس مع إخوتي ويلاطفهم ويعلمهم ويشجعهم ويوجههم كلماتٍ، سطرتها الأحزان، قبل أن يسطرها البنان، وينمقها اللسان، ولمسة وفاء مني لشيخي الفاضل أبت إلا أن تكتب شيئا عن سيرته وتحيط القرَّاء غيضًا من مسيرته لتنشر رائحتها العابقة في نفوسٍ هي بحبها للفقيد صادقة.

_ شيخُنا اللبيب، وأستاذنا الأريب، هو الشيخ الأستاذ حسن بن علي بن حسن بن علي بن خليل بيومي، المصري وطنا، والقليوبي مولدا، والحنفي مذهبا ... ولد رحمه الله في محافظة القليوبية من ضواحي القاهرة المحروسة سنة 1959م في أسرة ريفية محافظة، وله عشرةٌ من الإخوة وشيخُنا هو الرابع بينهم. تلقى - رحمه الله - تعليمه في مراحله الثلاث في قرية القليوبية وكان متفوقا دراسيًا ثم انتقل إلى القاهرة لإكمال الدراسة الجامعة في جامعة (عين شمس) العريقة في كلية الآداب، تخصص (لغة تركية) وهو من التخصصات الصعبة النادرة، وتخرج وكان من الأوائل على دفعته! وذلك عام 1984 م، ثم التحق بالخدمة العسكرية الإجبارية لمدة سنتين ثم في عام 1986م سافر إلى العراق للعمل هناك وتدريس القران الكريم، وقد استغل وجوده في أرض الرافدين لتعزيز معارفه وتنمية مداركه والاستفادة من جميع المجالات المتاحة العلمية وعمل بالتدريس ومكاتب التحقيق وإخراج التراث الأصيل. (وقد ذكر لي رحمه الله أسماء العلماء والأدباء الذين جالسهم واستفاد منهم). وكان مقيما وقتها في بغداد الرشيد.

_ رجع رحمه الله إلى بلده بعد عامين، أي في عام 1988 م ثم التحق بمعهد القراءات في محافظته لتخرج من مرحلة التخصص عام 1999م وكان متشوقا ومجدا يعمل ويدرس كما حدثني بذلك صنوه وقرينه ورفيقه الشيخ قاسم مصطفى محمد نفع الله به وأطال عمره في طاعته

_ وقد تلقى القراءاتِ السبع عن الشيخ أحمد ياسين قنصوه (من أقران الشيخ عبدالرافع رضون والشيخ محمد سيبويه البدوي) عن الشيخ محمد شاهين العنوسي، والقراءاتِ العشر عن الشيخ عبدالرازق البكري شيخ مقرأة السيدة زينب رضي الله عنها وهو من مشاهير المقرئين في القاهرة في وقته. وقد تزوج الفقيد - رحمه الله - وهو فوق الخمس والثلاثين، وولد له (فاطمة) توفيت وعمرها ثلاث سنوات جعلها الله شافعة له، ثم ولد له (مريم) أصلحها الله ولها من العمر ثمان سنوات وكان الشيخ مولعا بها جدا. تعاقد الشيخ للعمل في المملكة عام 2000 م 1419 هـ مدرسا في محافظة الأحساء، ثم نقل إلى كلية المعلمين بالأحساء لَمَّا لُمس منه الجد والقوة العلمية ثم نقل الشيخ إلى كلية المعلمين بالرياض مدرسا في قسم (مسار القراءات) لتبدأ منه معرفتي بالفقيد. ولينهل الطلبة من علمه الفياض، وخلقه النبيل، وتواضعه الجم، وليقرأ ويتقلى عنه طلاب العلم علم القراءاتِ وغيره. شيخنا رحمه الله متميز في تخصص (اللغات والترجمة) وفي علم القراءات فهو يحفظ الشاطبية والدرّة عن ظهر قلب ومتون الرسم وعد الآي، ويحفظ ألفية ابن مالك وملحة الاعراب ويستظهر متن الزبد في القفه الشافعي لأنه حرص على تعلمه. كان يذهب للكلية وبيتُه ليس بالقريب منها مشيًا والألفيةُ بين يديه وأمام ناظريه مراجعا، وأذكر أن أخي سليمان بن سعود سمعا عنده كاملة في مجلس واحد!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير